مؤتمر ( نحب ) ماله وما عليه
------------------------------
الزمان العاشر من ديسمبر عام 2013م المكان وادي نحب مديرية غيل بن يمين حضرموت المناسبة انعقاد مؤتمر قبائل حضرموت لغرض تدارس الرد على مقتل المقدم سعد حمد بن حبريش العليي الحمومي ومرافقية على يد قوات الجيش والأمن اليمنيين . صبيحة ذلكم اليوم الأغر سارت الأمور على أحسن ما يكون وحضرت جميع قبائل وسادات ومشائخ حضرموت تقريبا دون استثناء. معززة بوفود تمثل قبائل المحافظات الجنوبية ( شبوة وابين ويافع والضالع والمهرة ) لقد كانت لحظة تاريخية نادرة الحدوث بل ربما لم تشهد لها حضرموت والجنوب مثيلا عبر التاريخ . وخرج المجتمعون بقرارات لا تقل هيبة وقوة عن هيبة وقوة الحدث نفسه بل عززت أكثر من رصيده ومكانته وتاريخيته . فعلا لقد كان يوما حضرميا بامتياز ولحظة فارقة بين زمنين زمن الشتات والضعف الحضرمي المنقرض وزمن اللحمة والهيبة الحضرمية المرتقبة . لقد سادت المؤتمر أجواء ملؤها الحب والتفاهم والتآزر والتعاون والشعور بالمسئولية والإحساس بالخطر المشترك . لذا كانت المخرجات والقرارات قوية ومتوقعة . غير أن هذا المؤتمر يعد الخطوة الأساسية والأولى في طريق طويل بدأ اليوم ويجب أن لا ينتهي إلى الأبد وهذا ما يحتم على كل حضرمي حر المحافظة عليه وصون منجزاته وتطبيقها على أرض الواقع وهذا هو التحدي ألأكبر . غير أن كل جهد بشري تعترية جوانب نقص وهناك ثمة ملاحظات ونقاط يجب تداركها وهي :
1) إن ما جمع الناس في ذلك اليوم التاريخي المشهود ولم شملهم هو حضرموت فقط ولا سواها لذلك كان تصريح قبائل الحموم بعدم السماح برفع اعلام او شعارات لأي مكون سياسي أو حراكي كان قرارا صائبا شجع الجميع على الحضور دون تحفظ . لذلك كان من هفوات اللقاء هو تكرار كلمات لقيادات حراكية لا يكن لها معظم أبناء حضرموت خصوصا وأبناء القبائل والمشائخ والسادة أحتراما يذكر لذلك كانت كلماتهم وتقديمهم للناس مستفزا ومخيبا للآمال .
2) كانت النبرة الحراكية لجماعة ( البيض ) حاضرة بقوة حيث استحوذوا على معظم الكلمات على المنصة فقد تكلم البيض وهو غائب عن المشهد الحضرمي ثم تبعه من نفس الفصيل الشيخ أحمد بامعلم ثم الدكتور سعيد الجريري والشيخ بن شعيب صاحب عدن وكلهم محسوبين على تيار البيض مما اضطر الزعيم باعوم للإنسحاب قبل نهاية المؤتمر وابدى كثير من انصاره استيائهم .
3) إن استبعاد شريحة مهمة وفاعلة من أبناء حضرموت عن هذا المؤتمر المتمثلة بشريحة العمال والفلاحين وغيرهم من الطبقات االأخرى لا يخدم اللحمة الحضرمية في هذا الظرف العصيب خصوصا وأن المؤتمر يناشد جميع أبناء حضرموت للهبة الشعبية وبسط النفوذ كل على منطقته ما يعني أن القبائل سوف تبسط نفوذها العسكري على باقي الطبقات الأخرى وقد يولد حالات من سؤ التفاهم فلم تعد تلك الطبقات المستضعفة بنفس الحال التي كانت عليه سابقا .
4) خضع البيان لعدة عمليات تعديل وتجميل ابتداءا من الخيمة وانتهاءا بالمنصة وهو اليوم يخرج في حلته الجديدة مختوما بختم حلف قبائل حضرموت وقد شطبت منه كلمة الاحتلال وعدل البند الاخير ليكون نصة في حالة عدم تجاوب السلطات مع المطالب تبدأ الهبة يوم 20 ديمسمبر والتجاوب هنا قد يكون له أكثر من تفسير وقد يفهمه كل شخص على طريقته .
5) خرج البيان في كليشة رسمية تخص حلف قبائل حضرموت ومختوما بالختم الخاص بالحلف وهو مكون يضم بعض القبائل الحضرمية فقط مما يوحي بأن كثير من القبائل المعتبرة رفضت أو تحفظت على البيان ولم يثبت انها وقعت عليه .
6) إن البند الأخير من بنود مخرجات المؤتمر يحتاج وقفات كثيرة وكونه البند الأقوى والضامن لنجاح المؤتمر من عدمه والذي دعاء المؤتمرون فيه جميع قبائل حضرموت ومكونات المجتمع بجميع شرائحه المختلفة إلى هبة شعبية تبدأ يوم 20 ديسمبر ولا تنتهي الا بعد بسط سيطرتهم على أرضهم كاملة .ولأهمية هذا البند وخطورته أود أن أضع عدة نقاط وملاحظات عليه وهي كالتالي :
1 ) لم تحدد الهبة الشعبية هل هي مسلحة ام سلمية مما يفتح باب واسع للتفاسير المتباينة .
2) لم توزع المناطق على القبائل بطريقة واضحة ومحددة كي تعرف كل قبلية حدود مسئوليتها وهل تستطيع منفردة تحقيق السيطرة على كامل منطقتها وبأقل التكاليف . فمثلا بعض المناطق تحتوي معسكرات وثكنات عسكرية وأمنية بينما مناطق أخرى لا يكاد هناك وجود يذكر لقوات الجيش اليمني وآلته العسكرية فيها.
3) هناك مدن رئيسية لم تعد حكرا على قبيلة واحدة فمن هي القبيلة التي سوف تفرض نفوذها عليها .
4) هناك مناطق تقع ضمن حدود بعض القبائل وبها ثروات نفطية أو معدنية كبيرة فكيف سيتم إدارتها مع باقي القبائل وهل هناك مخاوف من استحوذ البعض بالثروات لصالح قبيلة واحدة دون أخرى .
5) في حالة انسحاب قوات الأمن اليمني تماما عن الساحة الحضرمية وترك فراغ أمني في محافظة مترامية الأطراف وتحيط بها مطامع لقوى تتربص بها من كل جهة فمن سيغطي الفراغ الأمني الذي سيحصل خصوصا من الناحية المالية كرواتب موظفي الدولة بشكل عام . ومن سيضمن توفير السلاح والعتاد الكافي ورواتب الحراسات للنقاط التي سوف تستحدثها القبائل الحضرمية .
6) من يضمن أن لا تدخل قوى محلية وإقليمية ودولة على الخط وتخلط الأوراق وتنظيم القاعدة قد يستغل الأمر وتهاجم النقاط والمؤسسات الحكومية تحت مبرر الهبة الشعبية .
7) هناك شباب حضرمي مقتنع بفكر القاعدة ولا يمنعه من الانخراط مع القاعدة في التفجيرات الا خشيته من ردة فعل المجتمع الحضرمي ضده . فمن يضمن أن لا ينجر الان وتحت مبرر الهبة الشعبية وتلبية لواجب القبيلة وينفذ عملياته القتالية ومن ثم يعود الى بيته كقبيلي منتمي لقبيلة حضرمية وليس كمنتمي للقاعدة .
8 ) هناك اشخاص غرباء في حضرموت من جنسيات أخرى تنتمي لتنظيمات جهادية قتالية ستجد عند اندلاع العنف فرصة لتدخل على الخط بدافع نصرة المظلومين في حضرموت ضد قوات الاحتلال اليمني وبهذا سيجد من يأويهم مبرر أنهم أنصار جاءوا لنصرتنا في وجه دولة وجيش لا طاقه لنا به .
9) هناك من اشاع أن مبالغ طائلة وصلت عبر وسطاء بعضهم تكلم وأعلن عن دعمه لهذه الهبة مثل قبيلة الباوزير وبعضهم لايزال مستتر وهذه أموال عابرة للحدود . فهل ننتظر أن تصير حضرموت مسرحا لتصفية حساب صراعات اقليمية ودولية تتربص بنا في ظل منطقة متفجرة تتناهبها قوى النفوذ المختلفة .
10) بإمكان أي شخص أن يطلق الرصاصة الأولى ويقتل الضحية الأولى سواء من قوات الجيش اليمني أو العكس من ابناء القبائل وهنا ستبدأ معركة الثار وسيلعلع صوت الرصاص وستنتشر رائحة الدم حينها لن تكون النهاية تحت السيطرة كالبداية دائما . 11) ونحن في حضرموت نعيش شحنا طائفيا هذه الأيام تأثرا بما يحصل في العراق ودماج اشار إليه ولو بطريقة عبارة المنصب باعباد في كلمته في المؤتمر نفسه فمن يضمن أن لا يتطور الأمر الى ذلك المنحنى وأضن أن المصائب أحيانا تأتي على غير ميعاد ومن دون حساب .
12) في ظل تفكك القبيلة الحضرمية من يضمن أن جميع ابناء القبائل الموقعة يلتزمون بما وقع عليه مشائخهم وممثليهم .
13) حينما تتتخلى الدولة عن مهامها تجد عصابات القتل والإتجار بالمخدرات والسلاح بغيتها وحينها تصبح حضرموت مسرحا للجريمة .
14) تزخر حضرموت بتناقضات سياسية وثقافية وحراكية متنباينة ومختلفة أحيانا فمن يضمن عدم تنازعها فيما بعد على كسب ولاء القبائل المسيطرة على الأرض ومن ثم تبدأ معركة رفاق النضال والكفاح والسلاح ليفرض كل واحد رؤيته من خلال الاستيلاء على الأرض المحررة من الاحتلال .
15) البعض يتخوف من أن الجنوبيين باتوا غير راضين عن التوجه الحضرمي الذي برز مؤخرا والذي تتبناه العصبة من وقعوا على الإقليم الشرقي قبل فترة ومن هذا المنطلق تسعى قوى جنوبية لجعل حضرموت المسرح الأول للثورة ضد الاحتلال ومن ثم الانطلاق منها نحو التحرير الذي يسعون اليه ويضمنون وحدة الجنوب وتحريرة على حد سواء .
16) يجب أن لا يستهين أحد بقوة السلطات الحاكمة في صنعاء وعلاقاتها مع كثير من أبناء حضرموت سواء الحزبيين منهم ( مؤتمر اصلاح أشتراكي وشخصيات مستفيدة ) فهؤلاء وإن كانوا قليلا الا أنهم أكثر تنظيما وقدرة على التحرك من غيرهم وبإمكانهم تناسي خلافاتهم سريعا والتوحد في صف واحد في أي لحظة إذا شعروا بالخطر على انفسهم أو مصالحهم . خصوصا أن الحراك الاشتراكي هو من كان مسيطرا على فعاليات المؤتمر وقد وجه عدة رسائل إقصائية للآخرين وهو يحرض ضدهم انتقاما مما اصابة في حرب 1994م مما يجعلهم يشعروا بالخطر ويتوحدون ويعملون بقوة .
17) لا أحد يشك في أن سلطات صنعاء تتربص بحضرموت وربما انها تحاول ان تضع حضرموت أمام أختبار صعب من خلال عدم التجاوب مع مطالب القبائل فتضعهم امام مأزق أما التراجع والاستسلام أو الاتجاه نحو القوة والعنف وبهذا تستطيع صنعاء بكافة اطرافها أن يكون لها حضور في المشهد وزج حضرموت في ز الصراع والاقتتال والسقوط في مستنقع العنف .
18) لاقدر الله وفشلت الهبة وتراجع الناس عنها فإن هذا المؤتمر سيكون رصاصة الرحمة على حضرموت بأسرها أرضا وانسانا قبائلا وغير قبائل وستضيع الهيبة ولن تقوم لهم قائمة ابدا وستنهار الثقة فيما بين الناس في حضرموت . لذا كان من المفترض أن لاينفرد المتطرفون من الرفاق وكان من المفترض فتح باب النقاش مع الجميع وليس ترك الحراك المتطرف العنيف لينفرد بقرار مصيري كهذا . أرجو أن لا يفهم أحد من كلامي هذا أننا يجب أن نتخلى عن هذا المنجز أو أن نخاف أكثر من اللازم لكنني فقط أردت ان أضع هذه النقاط كي تؤخذ بعين الاعتبار لدى أبناء حضرموت قبل أن تحل بهم كارثة لاقدر الله . حمى الله حضرموت وأهلها من كل كيد ومكر . والله أكبر فوق كيد المعتدي