في مقالي هذا وهو الثالث من ضمن سلسلة [مؤتمر وادي نحب لمن يحب ومن لا يحب ] سوف أحاول قراءة المواقف والتفاعلات لأهم المكونات الحضرمية وغيرها حول ما جرى من أحداث خلال أيام الهبة الحضرمية بجهد شخصي وتحليل عن قرب آملاً أن أبين للقارئ الكريم الأدوار المختلفة للاعبين .
أولا : الحراك الجنوبي :
استطاع الحراك الجنوبي ( الحزب الاشتراكي ) أن يكون أول اللاعبين دون منازع على مسرح الأحداث ومن أبرز المهيئين للهبة سواء منذ اللحظة الأولى لمقتل بن حبريش هذا إن لم يكن للحراك ( الاشتراكي ) من دور قبل حادث المقتل نفسه ولتفسير الغموض الشديد في ذلك أرجو العودة لقراءة مقالي الأخير ( كواليس الهبة ) والذي تطرق إلى بعض خفايا مقتل الشيخ سعد بن حبريش وفق روايات ومصادر مؤكدة تماًماً وقارنوا ما قلته عن جهة الرصاصة القاتلة للشيخ مع الصورة المنتشرة للشهيد وأين موضع الطلقة منه يتبين لكم الحق بلا لبس . غير أن ما غاب عن الحراك الذي يرفع علم أبو مثلث ونجمة هو ما ذكرته في مقالي الأول بعنوان (مؤتمر - نحب - ماله وما عليه ) وخصوصا البند رقم ( 16 ) حين نبهت إلى أن الصبغة الاشتراكية الغالبة على الحراك الجنوبي سوف تستفز القوى التي كانت متحالفة في حرب صيف 94م وتدفع بها نحو التحالف من جديد تحت دافع الخوف من الانتقام الاشتراكي منهم وهذا ما حصل بالفعل صبيحة يوم الهبة وتحديداً في الوادي حين تناسى الإصلاحيون و المؤتمريون خصوصاً ( القبائل منهم ) تناسوا جميع خلافاتهم وتحركوا في فريق عمل واحد ضد مشروع الحراك ولعل ذلك تجلى في خطاب شيخ آل تميم الشهير والذي حذر فيه من مغبة رفع الأعلام والشعارات وكان بذلك يقصد علم الحراك الجنوبي بلا أدنى شك وهناك حادثة حصلت في سيئون حينما رفع بعض أنصار الحراك وتحديدا شخص يدعى ( قمصي ) علم الجنوب فنهره شيخ آل كثير- بنفسه - الشيخ عبدالله صالح الكثيري وقال له بالنص حسب شهود عيان : إن العلم الذي أذل أجدادنا وأذلنا لن يرفع في سماء حضرموت إلا على جثثنا . انتهى كلام الشيخ .
لقد أساء الحراك الجنوبي التقدير هذه المرة وذلك يرجع أساساً لسوء تقديراته سلفاً لخصومه وعدم الانتباه للفئة الصامتة وهي كثيرة ولا يستهان بها . صحيح أن رجال القبائل ومعهم الأحزاب اليمنية فضلوا الصمت طيلة الأيام الماضية حتى ظن الحراك الجنوبي أنه قد أصبح القوة النافذة الوحيدة غير أنه كان مخطئاً تماماً فالقبائل وحلفاؤهم من الأحزاب الأخرى المرتبطة بصنعاء ورجال النفوذ كانوا لا يشعرون بأي خطر حقيقي من أفعال الحراك وتحركات شبابه صغار السن خلال الأيام الماضية غير أنهم حينما أحسوا بالخطر تداعوا وكانت لهم الغلبة . وهذا ما أثبتته الهبة الحضرمية خصوصا في الوادي حيث تم تحجيم الحراك بطريقة واضحة للعيان حتى بات شبه محاصر .
وكشفت الهبة حجم الحراك الحقيقي وتبين للعيان أن أغلب جهود وجمهور الحراك هو جهد إعلامي متمثل في قناة عدن لايف ونشطاء الفيس بوك الذين بقوا نشطين دون غيرهم من إعلاميي التيارات الأخرى وهو ما يثبت أنهم خارج اليمن كون الانترنت كان يوم الهبة مقطوعاً عن جميع المحافظات الجنوبية . وحين خرج الحضارم بالآلاف في اليوم الأول للهبة نجدهم قلوا بشكل كبير في الأيام الأخرى بعد رفع أعلام الاشتراكي وهو ما أكده مئات النشطاء من التيارات الحضرمية التي لا يروق لها علم الجنوب الاشتراكي وماضيه الليئم .
ثانيا : الإصلاح
لا يختلف اثنان في أن الإصلاح قد ارتبكت مواقفه بادئ الأمر وظهر في موقف متذبذب وغير مرتاح من هذه الهبة ونتائجها غير المأمونة خصوصا وأن المحافظة تشهد احتقانا وانفلاتا أمنيا غير مسبوق وحضورا إعلامياً حراكياً مواكبا للهبة بطريقة كبيرة ويتجلى ذلك في تغطية قناة عدن لايف للحدث وكذا عملية الشحن الرهيب الذي استهدف الإصلاح المرتبطة حباله بصنعاء وأن الهبة ستكون ضد صنعاء وعملائها في الجنوب عموما وحضرموت خصوصاً . غير أن الإصلاحيين حاولوا أن ينحنوا للعاصفة قليلا ومن ثم يتبصروا لأنفسهم طريقه لركوب الموجه متداركين تداعيات تصريح الإصلاحي الناشئ صلاح باتيس ذو الارتباط الوثيق بصنعاء وصناع القرار فيها حين دعا الحضارم وبطريقة مستفزة للانضمام للإصلاح كرد مناسب على مقتل بن حبريش وحتى لا نظلم هذا الشاب ويكيفه ما تعرض له من انتقاد حتى مني شخصيا غير أن هذا الشاب الإصلاحي استدرك موقفه هذا بموقف آخر غفر له ما سبق حين أعلن تعليق عضويته في الحوار استجابة لنداء حلف القبائل وبهذا سجل أول موقف مشرف لشخص حضرمي يلبي نداء أهله . لحقه بعد ذلك القيادي الإصلاحي الأقرب إلى الحراك الجنوبي المهندس / محسن باصرة وقيادي إصلاحي آخر أقرب للعصبة الحضرمية هو الدكتور متعب بازياد وبذلك استطاع الإصلاح أن يأخذ بزمام المبادرة ويفتح له خطوط تواصل جيده مع حلف القبائل في حضرموت . وأنا هنا لا أقول أن الإصلاح كان برئ في موقفه بقدر ما كان ذكيا إلى حد ما خصوصا من خلال الانتشار السريع والمنظم والذي لا يضاهيه أي حزب أو جهة أخرى في هذا الباب ليغطي جوانب التواصل المختلفة سواء بصنعاء أو بالقبائل أو من خلال التغطية الإعلامية التي وفرتها لها قنوات حلفائه في صنعاء واستفرد هو بها دون غيره وسخرها لتلميع مواقفه ورجاله وبذلك استطيع أن القول أن الإصلاح قد خرج على أحسن الأحوال دون خسائر كبيرة كما كنا نتوقع . مقارنة بالحراك الجنوبي الذي ستثبت الأيام القريبة القادمة أنه ربما الخاسر الأكبر إن لم يكن الوحيد من الهبة .
ثالثا : القبائل
عندما نريد الحديث عن دور القبائل وما دورهم في الهبة فإنني أحب أن أميز بين أمرين هما :
1) قبائل الوادي ( ال تميم و آل جابر وآل كثير وآل باجري والعوامر و يافع ونهد والصاعر و بني مرة وغيرهم ....) :
وهذه القبائل كان لها حضور متميز وأثبتت وجودها على الأرض وتماسك أبنائها واستطاعت أن تستغل الظرف لتثبت قوتها وأنها رقم يصعب تجاوزه في أية معادلة قادمة . ولذلك عرضت نفسها لجميع القوى الوحدوية كحليف سيخطب الجميع وده غير أنها قد قطعت الطريق على قوى الحراك وأعلنت معها الفراق الباين وهذه القضية بقدر ما تفتح شهية قوى الوحدة تجاههم فإنها قد تفتح باب شر القوى المناوئة للوحدة تجاههم أيضاً . ومن هذا المنطلق لا يستبعد أن تتعرض بعض الشخصيات الهامة من تلك القبائل لبعض الاعتداءات على يد القوى المستفيدة من لخبطة الأوراق والمتضررة من موقف تلك القبائل أثناء الهبة وخاصة الحراك الجنوبي ونظام علي صالح السابق وقد يصل الأمر إلى استهداف شخصيات كبيرة من أي قبيلة من تلك القبائل أو حتى من القبائل غير البارزة كقبيلة العوامر أو الجابري مثلا أو غيرهم لإحراج قبائل الوادي المتهمة بالتواطؤ مع صنعاء ضد الحراك ولتقوية صف الحراكيين والناقمين على صنعاء خاصة وان بعض تلك القبائل يوجد من أبنائها من هو مخلص للحراك أو له ارتباطات بنظام علي صالح السابق وبذلك يجدوا لهم فرصة لإشعال نار الفتنة وحينها سيكون العقلاء من تلك القبائل في موقف لا يحسدون عليه خصوصا وهم لن يجدوا من صنعاء وتحديدا من الرئيس هادي أي فائدة أو سند يذكر بل سيجدون أنفسهم يلاقون مصيرهم المحتوم بين حاسد وبخيل . وقد يكرر سيناريو مقتل بن حبريش بطريقة مختلفة أو مشابهة . وهذا قد يحصل بل وحصل لبعض قبائل شبوة أو أبين خصوصا الشيخ / طارق الفضلي والذي ربما تحصل تفاوضات بين أطراف خفية وبعض المقربين له مقابل مبلغ من المال وما جرى في الضالع أو محاولة اغتيال الشيخ الوزيري في شبوة وغيره إلا يصب في نفس مصب لخبطة الأوراق جنوبيا بشكل مريع .
2) قبائل الساحل :
وهذه القبائل باستثناء قبائل الحموم كونهم أهل الشأن والثأر وكذا المعارة بصورة أو أخرى وهاتان القبيلتان بعكس قبائل الوادي كانتا مطيه سهلة للحراك الجنوبي ومعهما ختم وكليشات حلف القبائل الذي بات مختطفا لدى الاشتراكيين منهم ومن غيرهم مما سبب سؤ تفاهم بين قبائل الوادي وبعض قبائل الساحل كقبائل نوح وسيبان من جانب وقبائل الحموم من جانب آخر . أما باقي قبائل الساحل فقد كان موقفهم خلال الهبة شبه معدوم وتركوا المدن الرئيسية نهب للحراك الاشتراكي المسلح بقيادة الاشتراكيين وخاصة ( الدكتور سعيد الجريري و عبد المجيد وحدين ) واللذان عملا تحت مظلة منسقية الهبة ذات الصبغة الحراكية بعد إن استبعدت منها كثير من ألوان الطيف السياسي والثقافي والمجتمعي الحضرمي وكان الرجلان هما المهندسين البارعين في تشكيل المنسقية وإدارة الهبة حيث دفع الأول الشباب نحو سوق القات وحينها قتل الشهيد الطالب بازنبور بينما كان الثاني يدفع بالشباب نحو اقتحام الحامية العسكرية بمنطقة الديس حيث كانت الأسلحة المتوسطة والخفيفة تتدفق عليهم إلى يوم أمس من جهات مختلفة .
رابعا : القاعدة
يبدوا أن القاعدة إلى حد الآن هي الحاضر الغائب في المشهد فبالرغم من أن الظروف مواتيه تماماً لانتعاشها إلا أنها شبه غائبة حتى ألان تقريبا وأظن أن سبب ذلك الغياب يرجع لأمرين لا ثالث لهما :
1) إما أن القاعدة تنتظر أن تتعقد الأمور أكثر على يد قوى أخرى حرا كية وقبلية وغيرها ومن ثم تأتي وهي في كامل أريحيتها وتتحرك بكامل قوتها وحريتها في ظل الفوضى وغياب الدولة .
2) أو أنها أي - القاعدة - إنما هي قاعدة النظام السابق أو الحالي فإن كانت تتبع النظام السابق فهو المستفيد مما يحصل إلى حد الآن ولديه أمل كبير أن تسير الأمور على حسب مراده لذلك يرى أن لا داعي لحشر القاعدة حتى لا تنفر القبائل وبعض الحراكيين وغيرهم من الداعمين الداخليين والخارجيين فهو يعقد على الحراك والقبائل الآمال بأنهم سينجزون مشروع الفوضى بدون الحاجة إلى إقحام القاعدة حتى هذه اللحظة . أما إن كانت القاعدة تتبع النظام الحالي فأظنه ليس في حاجتها الآن وهو في حاجة إلى التهدئة أكثر لينجح الحوار .
خامسا : المؤتمر الشعبي العام
أتوقع انه لم يكن له حضور كحزب سياسي إنما حضر كأشخاص من خلال بعض مشائخ القبائل في الوادي والساحل أو من خلال بعض المسئولين كالمحافظ وبعض الوكلاء أو من خلال عبد ربه منصور هادي بصفته رئيس الجمهورية وهو من قيادات المؤتمر أو من خلال اللاعب المتهم الأول الزعيم علي صالح وبهذا كانت مشاركاته متباينة وأحياناً متناقضة ومتضاربة بحسب مواقف الأشخاص المذكورين . لكنني أرى أنه في هذه المرة كان موقفه أقرب إلى موقف الإصلاح وقد تجلى ذلك في توقيعه ولأول مرة منذ زمن على بيان جنبا إلى جنب مع حزب الإصلاح عشية الهبة . وبهذا يكون موقف المؤتمر واضح من القضية ، فيما عداء موقف الزعيم علي صالح ومن هم لا يزالون يتبعونه في المحافظة والذي كان مع الفوضى والحراك المسلح .
سادساً : الرئيس عبد ربه منصور هادي
حسب وجهة نظري فإن الرئيس عبد ربه منصور هادي كان من ضمن أهم المستهدفين في هذه العملية غير أنه كان الوحيد الذي أستطاع أن يحول المخاطر إلى فرص في هذه الهبة وأن يستثمرها إلى أبعد الحدود خصوصا فيما يلي :
1) حينما كان يراقب الوضع عن كثب وبدون توتر شديد ولا ردود أفعال إنما كانت عينه على الملعب ومراكز القوى فيه والفاعلين الحقيقيين من سواهم لحاجة في نفس يعقوب .
2) استغل هذه الفرصة ليجعلها سوط قوي يشهره في وجوه من يحاولون عرقلة الحوار وخاصة من يتشبث بالجنوب موحدا فاستغل الهدف ليثبت أن الجنوب ليس جنوباً واحداً وأن لحضرموت خصوصيتها .
3) وتحت ضغط الحدث وتأثيراته النفسية استطاع أن يفرض على القوى السياسية أن توقع وثيقة الضمانات للقضية الجنوبية وكأنه يقول لهم ما لم توقعوا فالبلد كلها سينهار وهناك بعض التسريبات التي تحدثت عن اجتماع عاصف ضمه مع باقي الأحزاب وخاصة التوتر في علاقته مع ياسين سعيد نعمان الاشتراكي .
4) استطاع أن يقنع الإصلاح في التوقيع على الوثيقة تحت مبرر الخوف من خروج حضرموت خارج اللعبة تماماً .
5) استطاع أن يثبت قوته وصلابته من خلال عدم انجراره لاتخاذ أي قرار تحت ضغط اللحظة والشارع وحتى لا يعطي مبرراً لمن يريد أن يجره إلى مربع الفعل وردة الفعل وبذلك يدرك خصومة نقطة ضعفه الحقيقية .
فعلا لقد اثبت هادي مرونة واسعة وثبات غريب و ما ذلك عليه بغريب وهو من خيب ظنون الجميع بعد حادثة وزارة الدفاع حين لم يتخذ أي إجراء متسرع كردة فعل وبذلك يترك خصومه غير متوقعين ردود أفعاله على الإطلاق ومن وجهة نظري الشخصية فهذه نقطة تحسب له لا عليه .
ولقد كان لإرسال اللواء علي ناصر لخشع الخبير بالشأن الحضرمي دور كبير في معالجة الأمر كما أتصور .
لقد جاءت حادثة حضرموت ضمن مسلسل أحداث سواء في صنعاء ووزارة الدفاع أو غيرها وبعد أن فشلت تقريبا كلها جاءت حادثة الضالع واستهداف خيمة العزاء كبديل لفشل مشروع الفوضى في حضرموت وغيرها ويدل على أن القوى التي تسعى للفوضى في هذا الظرف قد فقدت السيطرة وبدأت تتحرك بطريقة مجنونة جداً وانتحارية . وهذا ما يتحتم رفع مستوى الحيطة والحذر وتوقع أي شي ولو كان غير متوقع ولا في الحسبان .
ما أخشاه أنه إن استمر هذا المسلسل ولم يجد من يردعه أو يكشفه فقد يصل إلى قيادات كبيرة ومهمة ومحورية وتعريضها للاغتيال فبعد فشل محاولات عديدة لاغتيال الرئيس هادي فإن الدور سيكون على شخصيات يعتمد عليها منصور هادي وغالبا شخصيات ذات ثقل ومحورية في العملية السياسية خلال هذه الفترة الانتقالية الحرجة والصعبة من قبيل ياسين سيعد نعمان أو حميد الأحمر أو حتى علي محسن وبواسطة أشخاص مقربين منه يثق فيهم فالمال في اليمن بات يعمل عمل تعجز عنه الجيوش الجرارة .
سابعاً : السلطة المحلية بحضرموت
تذبذت مواقف وتحركات السلطة المحلية مع الهبة كتذبذبها بين ولاءاتها بين النظام والأهل فمنذ مقتل الشيخ سعد بدا المحافظ الديني مرتبكاً فبقدر تمثيله للسلطة المتهمة بالجريمة كونه المسئول الأول فيها ورئيس اللجنة الأمنية المتهمة بالتفريط في أمن المحافظة إلا أنه اتصل بمشائخ الحموم يعزيهم بصفته الشخصية وهي لعبة يجيدها رجال الاستخبارات بمهارة حين يقتلون القتيل ويمشون في جنازته وبمجرد تعاطفه معهم وتقديمه واجب العزاء وعلاقته ببعض زعمائهم إضافة إلى عدم وجود عداوة شخصية ولاحزبية بينه وبين اللاعبين الأبرز (الاشتراكيين القدامى) في قبيلة الحموم هذه الأسباب أخرجت الديني من عاصفة الهبة واعتباره خارج اللعبة .
لكن لأن المحافظ هو المسئول الأول بقي متحملاً مسئولية مآلات الهبة لأنه ممثل النظام والمعني بالمطالب ومن ناحية أخرى علاقته بالنظام السابق وولاؤه له إلى الآن حيث لازال يردد أن رئيسه هو علي صالح ومن عينه هو المؤتمر الشعبي العام متجاهلاً كل سلطات الرئيس الحالي منصور هادي ، حيث أكد وزير الإدارة المحلية أن محافظ حضرموت لا يتجاوب مع الوزارة و لا يستجيب لطلباتها وقراراتها وهو ما يؤكد ما ذكره الدكتور بافضل أن الديني لازال تابعاً لعلي صالح كون من عينه هو رئيس الأمن القومي السابق علي الآنسي بعد تقرير رفعه عن المحافظ السابق سالم الخمبشي , وتؤكد مصادر خاصة أن المحافظ ولجنته الأمنية عقدوا اجتماعات أثناء الهبة دون حضور مدير الأمن بالساحل العميد فهمي محروس ورفعوا تقريراً للرئيس هادي أن محروس هو من سلم مراكز الأمن لمسلحي الحراك ومتواطئ معهم وله علاقات بتنظيمات مسلحة كما ذكرت ذلك بعض صحفهم ومنها اليمن اليوم .
ثامناً : العصبة الحضرمية
تعمدت تأخير الحديث عن دور العصبة الحضرمية لأنها المستفيد الأول من هذه الهبة لأمور :
1- أن الهبة حضرمية وعززت من مصطلح الحضرمة والهوية التي تنشدها العصبة وتتغنى بها وهي خطوة أحرقت عدد كبير من السنوات ماكان سيتأتى كل هذا الاصطفاف الحضرمي وبهذا المسمى والشكل لولا هذه الهبة .
2- عجلت الهبة بإقرار مشروع إقليم حضرموت وهو الحد الأدنى في أدبيات العصبة الحضرمية كمطلب أساسي وخطوة في طريق استقلال دولة حضرموت المنشودة . غير أن طمع العصبة وبعض المتعصبين لها ازداد حينما رأوا الاصطفاف الحضرمي الكبير فراحوا يبررون كل الأفعال التي حدثت بما فيها العنيفة ودافعوا عن العمليات العسكرية ضد الجيش وتفجير أنبوب النفط وإن بطريقة غير رسمية ولكن صفحات ناشطي العصبة تدل على رضاهم باستخدام القوة ضد الجيش طمعاً فيما يسمونه التحرير وإقامة الدولة وهو مايحسب على العصبة كونها ليست تنظيماً محكماً وكذلك لعدم وجود آليات واضحة في أجنداتها لتحقيق أهدافها إضافة إلى استغلالها من قبل أطراف خارجية من خلال شخصيات حضرمية فاعلة في الداخل والخارج .
أخيراً :
هذا ماتوصلت إليه من تحليل لمجريات هذه الهبة التي أملنا عليها الكثير من الآمال وكادت أن تحقق كل أهدافها لولا الاعتساف لمسارها والانحراف الخطير الذي حدث في بعض وسائلها وركوب بعض التيارات موجتها لتخرجها عن إطارها وتحول دون مبتغاها ، غير أن الحضارم لازالوا قادرين على أن يوحدوا صفوفهم وينتزعوا حقوقهم متى ماحددوها بدقة ورسموا وسائلها بعناية وتعوذا من شر شياطين الانس والجان ولم يسمحوا للمتسلقين بامتطاء ظهورهم وركوب موجتهم ويقولون متى ؟ قل عسى أن يكون قريباً .