لست أدري أهي المصادفة البحتة أم الضرورة المخططة من يقف وراء تلازم مجموعة من الأحداث المتزامنة التي تستهدف اسم ومقام وحياة شخص د. يس سعيد نعمان الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني ـ نائب رئيس مؤتمر الحوار الوطني، وتجعله هدفا لمجموعة من السهام القذرة التي لا غاية لها إلا أن تصب في معركة مواجهة كل ما هو نقي وسامي في هذا الوطن المملوء بالاتساخ والتلوث والهبوط.
منذ أسابيع تناقلت الصحف والمواقع الإلكترونية نبأ تعرض د يس سعيد نعمان لمحاولة اغتيال فاشلة، وحتى اليوم لم نسمع شيئا عن نتائج تحري أجهزة البحث المكتضة بالأذكياء والعباقرة، لكن هذا الذكاء وتلك العبقرية لا يظهران إلا في ملاحقة الشرفاء والرافضين للظلم والضيم، أما القتلة والمجرمون فإن الذكاء يندثر والعبقرية تضمحل في مواجهتهم.
لم تكد تمر أيام حتى تفرغت بعض المواقع الإلكترونية متطوعة للتشهير بالدكتور نعمان تارة بالقول أن هناك وثيقة بإمضائه يحتفظ بها الرئيس تنص على كذا وكذا، وتارة أخرى بالتهجم على رؤية الحزب الاشتراكي بشأن القضية الجنوبية والتشهير بها وشيطنتها والتعرض بشكل أساسي لشخص الأمين العام للحزب الاشتركي بتهم الانفصالية والرغبة في العودة إلى ما قبل 1990، أو بالاتهام بوضع رجل مع الوحدة ورجل مع الانفصال، وغيرها من الترهات التي لا تصدر إلا عن مفلسين لا يجدون ما يحاججون به سوى المزاعم والافتراءات والأوهام.
وكان حديث (الزعيم الرمز) عن د يس سعيد نعمان باعتباره المعرقل للحوار الوطني وأحد دعاة (الانفصال) صورة واضحة لم تدع مجالا للجدال من أن أعداء فكرة المدنية والعدالة الحق وأنصار الزيف والظلم والقهر والافتراء متحدون مهما تعددت المدارس التي يأتون منها ومهما تفاوتت المقامات التي يتصورون أنهم يتبوأونها، فحديث (الزعيم الرمز) جاء ليمثل جزءا لا يتجزأ من هذا المسلسل المتواصل الذي يتحاشى التعرض لأي مظهر من مظاهر الإجرام والتخريب والإرهاب والقتل والنهب والعدوان والظلم والمنكر، ويتفرغ فقط للنيل من الشرفاء وأصحاب الأيدي النظيفة والنفوس المثقلة بهموم الوطن، وهذه هي سنة الثأر الأبدي بين أنصار الحق وأنصار الباطل، بين دعاة العدل والحرية والكرامة الإنسانية ودعاة الظلم والاستبداد وازدراء كرامة الإنسان.
واليوم ينبري البرلماني عارف الصبري للمرة الثانية خلال أقل من سنة للتهجم والافتراء على شخص د. يس مصنطعا حادثة اخترعها أو اخترعها له من كلفوه بمهمته هذه ليأتي موقفه متقاربا ومتزامنا مع موقف (الزعيم الرمز) بما يؤكد أن الحديث عن عودة تحالف 1994م لا يأتي من فراغ بل إن أساتذة مدرسة 1994م وتلاميذها عادوا للتلاقي هذه المرة وإن مدرسة الجهاد الفردي التي أسسها المجرم علي السعواني آخذة في الحضور والتمدد، ولن تكف عن استقطاب أصحاب الأهواء المريضة والعقول المعتلة.
في المرة السابقة اقتص الصبري فقرة من حديث طويل للأمين العام للحزب الاشتراكي فحواها إن" الحوار مفتوح سياسيا وأيديولوجيا ومعرفيا لكل الآراء المطروحة اليوم على صعيد الحياة السياسية" ليستنتج منها أن د. يس يفرط بالشريعة الإسلامية ويقف ضدها، واليوم ادعى حكايته الزائفة عن تمزيق د. يس لرسالة رئيس الجمهورية التي بعث بها عبر محمد قحطان ـ حسب زعمه ليواصل دأبه القائم على اصطناع مرضي لخصومة بينه وبين زعيم الاشتراكي لا وجود لها إلا في خيال الصبري دون سواه.
عندما نفذ المدعو على السعواني جريمته ضد الشهيد جار الله عمر ادعى بأنه يقوم بـ"جهاد فردي" أسس لنظريته طويلا، ولم يجد من سبيل لمن يطبق عليه ذلك الـ"جهاد" إلا مناضلا وطنيا أقر باحترامه وتقديره الملايين من اليمنيين، مناضلا لم يحمل سلاحا قط ولم يعتد قط على حيوان ـ ناهيك عن إنسان ــ ذلك هو رجل التسامح والمحبة وداعية الحقوق والحريات، الذي كان قبل اغتياله بأيام يستخرج أمرا بالإفراج عن مجموعة من السجناء من بينهم القاتل نفسه، ويعلم الجميع أن علي السعواني لم يجاهد قط في أي مكان وإنه كان ينفذ مخططا مخابراتيا، تجلى عندما تم إخفاء أكثر من تسعين صفحة من ملفات التحقيق مع القاتل لأسباب لم تعرف حتى اليوم، لكن المدبرين ومن كلفوا السعواني بارتكاب جريمته اكتفوا بإخفاء سوأتهم وتخلوا عن السعواني حينما كان لا بد من كبش فداء.
وعندما يسوق عارف الصبري مقولته الخرقاء هذه يعلم أنه لا الرئيس هادي محتاج لبعث رسالة إلى الدكتور يس سعيد نعمان وهو الذي يستطيع أن يقابله كل يوم، ولا محمد قحطان هو المراسل المناسب للتوصيل بين الرئيس وأحد مستشاريه، ولا الدكتور يس هو المعني أصلا بموضوع المادة الثالثة من الدستور، ولا عارف الصبري هو المكلف بمتابعة ماذا قال فلان لفلان ولا ماذا فعل فلان مع علان، ولا محمد قحطان ملزم بتقديم تقرير يومي أو شهري أو حتى سنوي لعارف الصبري عمن قابل وماذا قالوا له، ولو كلف الصبري نفسه قليلا من العناء وقرأ رؤية الحزب الاشتراكي (الذي يتولى د. يس سعيد نعمان مهمة أمينه العام) لشكل الدولة لعرف أنه لم يكن بحاجة إلى اختراع هذا الافتراء الأخرق، لكنها نظرية "الجهاد الفردي" التي إن لم تجد لها حجة تصطنع الحجج من خيال صاحبها لتمضي في خطواتها اللاحقة حتى بلوغ الغاية.
اختراع عارف الصبري الذي من المؤكد أنه من صنع جهات أخرى استهدف ضرب أكثر من عصفورين بحجر واحدة، منها دق إسفين بين الرئيس هادي وأمين عام الحزب الاشتراكي، ومنها إحراق محمد قحطان الذي يتفوق في سمعته وسلوكه على الكثير من القادة السياسيين والبرلمانيين في حزبه، ومنها وهو الأهم التحريض على د يس سعيد نعمان بنفس الافتراء الزائف من المرة السابقة مما يعني أن عارف الصبري لم يتوقف ولن يتوقف عن نسج الافتراءات على د يس حتى لو اضطر للتضحية بأقربب رفاقه، لكن المخترعين اساءوا اختيار الوسيلة مثلما أساءوا اختيار الهدف، لأنه لا يوجد عاقل واحد يمكن أن يصدق ذلك السيناريو الأجوف إلا من أصابه العته وانتباته نوبة من نوبات "الجهاد الفردي" الزائف.
لا أرغب كثيرا في الحديث عن شخص عارف الصبري ـ لكنني ومن معرفتي له في مجلس النواب أدرك أنه يستطيع أن يؤلف مجلدات عن مشروعية زواج القاصرات وتسويقه كأحد الواجبات الدينية، وفي التهجم على السيدا واعتباره تهديدا للإسلام والمسلمين، وفي أهمية تغطية وجه المرأة، لكنني لم أسمعه قط استنكر ما ينهبه الناهبون وما يختلسه لصوص المال العام ولم أقرأ له قط سطرا واحدا يستنكر فيه الاتجار بأطفال اليمن واغتصاب حقوق الفقراء في الحديدة ونهب أراضي وثروات وممتلكات الجنوبيين، والاعتداء على المواطنين المطالبين بحقوقهم، ولم أسمعه قط انبرى معترضا على استخدام القوة المفرطة مع الفعاليات السلمية الجنوبية والتي راح ضحيتها آلاف القتلى والجرحى، ربما لأن هذه القضايا ليست من الشريعة التي يؤمن بها الصبري أو هي أقل أهمية من زواج القاصرات وتغطية وجه المرأة.
أما المادة الثالثة من الدستور التي يتخذ منها الصبري متكأ لمهاجمة قامة بمكانة د يس سعيد نعمان فهي ليست بحاجة إلى محامي مثله وهي قد حسمت في العديد من الرؤى السياسية بما فيها رؤية الحزب الاشتراكي اليمني الذي يرأسه د يس والحزب الذي ينتمي إليه الصبري نفسه ولو بحث له عن افتراء آخر فلربما وجد من يصدقه، لكن حب الظهور وادعاء الغيرة (الزائفة) على الإسلام والشريعة الإسلامية دفعته إلى الاختيار الخطأ في الاتجاه الخطأ وفي المكان والزمان الخطأ.
قد لا يكتفي عارف الصبري بما يسوق من أقاويل وقد لا يوقفه فضح افتراءاته وقد لا يردعه استدعاء النائب العام بل قد يذهب إلى حماقات أكثر مما فعل لكنه عندما يحصحص الحق سيكون بمفرده في مواجهة الحقيقة فهل يتعض من مصير زميله وتلميذ نفس المدرسة ـ علي السعواني ـ أم إنه سيواصل "جهاده الفردي" حتى يصل الغاية التي حددها له أساتذته وراسمو أجندته الحمقاء؟؟
برقيات:
* قال أحد الحكماء: عقول البشر ثلاثة:
عقول عظيمة تتكلم عن الأفكار، وعقول متوسطة تتكلم عن الأحداث، وعقول صغيرة تتكلم عن الناس.
* قال الإمام الشافعي عليه رحمة الله:
أحـــــــــفظ لسانكَ أيُّها الإنسانُ لا يلدغـــــــــنَّكَ إنهُ ثعبانُ
كم في المقابرِ من قتيلِ لسانهِ كانت تهابُ لقاءهُ الأقرانُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ