في الجنوب مرض عضال، وسقم عظيم يتمثل بتصنيم القيادات من أعلى الهرم إلى أسفل سافلين.. هذه الظاهره بما ينشى على هوامشها من صناعة للتزلف والنفاق والكذب وإعطاء الصنم الإنطباع بأنه شي آخر غير ماهو عليه في الواقع قد وقف حجر عثرة في طريق المؤسسية وهذا ما أدى بنا إلى أن ندور في دائره مفرغة منذ سبع سنوات.
يقول جمال هنداوي في الحوار المتمدن(بأن هذاالإشكال التاريخي ساهم في تشكيل وعي جمعي مأزوم بعقلية ملتبسة أدت إلى الافتقار إلى القدرة على التفريق ما بين المبادئ التي يضعها المجتمع كمثل عليا وما بين الأشخاص أو الرموز الإنسانية التي تجسدها-اوعلى الاصح العناوين التي تدعي تمثيلها- ,وعلى هذا الالتباس الأخطر تم تخليق تقسيم المجتمع الى طبقة من الكهنوت السياسي المحتكر للشعارات التي تؤطر علاقة الأمة بمنتهيات قيمها ومطامحها العليا..وجموع اقرب الى القطيع تدور في حلقات دوامية تهتف للزعيم الاوحد) ويردف قائلاً (التصنيم شكل تاريخنا كتاريخ أفراد بالمطلق وليس تاريخ شعوب ومجتمعات, وربط كل فصوله وتحولاته بأسماء عضال لخلفاء وحكام ولافتتان الشعوب بزعماء نجحوا في تسويق أمجاد وهمية وانتصارات كلامية سبيلاً وأسلوباً للحكم,وإعاشة الناس في حمى تفاؤلات زائفة عن الزعيم الملهم الخارق لقوانين الطبيعة والقادر على صنع الأمجاد واجتراح المعجزات من اللاشيء).
نحن في الجنوب أصبحت صناعة الأصنام رائجة جدا حتى أن أحد الشباب لو نجح في قيادة مسيرة يصبح اليوم الثاني زعيم يحيط به الأتباع والمريدون من كل جانب حتى ظن أنه ليس هو الشاب المخلص الطيب الذي قاد مسيرة الأمس بكل أخلاص وهكذا يظل طريقة ويتحول من قائد حقيقي واعد إلى حجر عثرة جديده في طريق النضال الجنوبي.
هذا الوضع جعلنا ندور في الدائرة المفرغة منذ سبع سنوات رغم أن الأشقاء أنجزوا ثورات متعدده وبوقت أقصر كثيراً. حاربت هذه الظاهرة منذ وقت مبكر وعانيت الأمرين من دائرة الرئيس الشرعي مروراً بمريدي مؤتمر القاهرة وأتباع المشائخ وزعماء الحراك بالمديريات والمحافظات الذي أصبح مصير الحراك مرتبط بتصالحهم أو خصامهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.
في الشمال لا توجد هذه الصنيمة الجوفاء حيث نجد الكتاب والصحفيون يتعرضون للقيادات السياسية والدينية والقبلية ولا نجد هذا التشنج والتحزب الأجوف حولهم بل أن النقاشات تتحول إلى ما يشبة الندوات وورش العمل لكن عندنا تقوم القيامة ولا تقعد ونتجشئ أسواء مافي تاريخنا من عبارات التخوين ويصبح المستهدف منبوذاً لأنه غرد خارج السرب وتمرد على القطيع ومع ذلك كله نصبغ على ذاتنا التحضر والمدنية وهلم جراء من تضخيم الذات حتى صدقنا أوهامنا وأصبحنا كقطعان الماشية كل قطيع يسوقة راع غير أمين.
أصنام الجنوب نمور من ورق لا تقدم ولا تؤخر في المشهد بل أضحت حجر عثرة في بناء مؤسسة سياسية جنوبية أما المريدين والإتباع فأقول لهم لن تتحرروا ما دمتم بنفسية العبيد والأخدام فالحرية لا توهب إلا للأحرار حقاً.