كشف تقرير حديث لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، عن رصد سلسلة من الإجراءات والسياسيات الاقتصادية التي انتهجتها مليشيات الحوثي الانقلابية لتقويض جهود الحكومة الشرعية في تحسين الوضع الاقتصادي ورفع قيمة العملة الوطنية.
وأوضح التقرير، أن مليشيات الحوثي في صنعاء ومع بدء البنك المركزي الحكومي في عدن بتوزيع الأوراق النقدية الجديدة من فئة 500 ريال و1000 ريال خلال 2017م و2018م، قامت المليشيات بحضر تداول الفئات النقدية الجديدة في صنعاء ومناطق سيطرتها.
وكثف الحوثيون حملاتهم خلال 2018م لتنفيذ حضر تداول الفئات النقدية الجديدة، عبر حملة تفتيش واسعة على مصارف وبنوك ومحلات صرافة وشركات ومتاجر وجرى اختطاف صرافين وحجز مبالغ كبيرة من الفئات الجديدة.
كما تطرق التقرير الذي يسرد حصاد العام 2018م –حصل العاصمة أونلاين على نسخة منه- الى أن قطاع الرقابة بالبنك المركزي في صنعاء الخاضع للحوثيين، حذر المصارف من بيع العملة الأجنبية أو شراء العملات الأجنبية من مناطق اليمن الواقعة خارج سيطرة الحوثيين، ومنعت الحوالات المالية التي تزيد عن 5 ملايين ريال من مناطق الحكومة بدون موافقة من البنك المركزي الخاضع لسيطرتهم بصنعاء.
كما لفت الى تعرض البنوك التجارية في صنعاء لتهديدات حوثية بالانتقام إذا ما استجابوا لتعليمات حكومية بمرسوم رقم (75) من شأن تلك التعليمات أن تلحق خسائر بمستوردين الوقود المقربين من الحوثيين، موضحاً أنه ونتيجة لأن جميع البنوك التجارية السبعة عشر في اليمن، باستثناء واحد منها، تتخذ من صنعاء مقرا رئيسيا لها، فإن مليشيات الحوثيين تتمتع بنفوذ كبير للضغط عليها.
وفي أوائل نوفمبر، اتخذت المليشيات في صنعاء قراراً مناقضاً لما يعتمده البنك المركزي بعدن، باستخدام الشيكات بدلاً من النقود لتغطية خطابات الاعتماد الخاصة بالواردات، وهو ما يهدف لمنع نقل السيولة النقدية المادية إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.
وفي ديسمبر العام الماضي، أصدرت مليشيات الحوثيين تعليمات جديدة تحظر على البنوك تحويل مبالغ تتجاوز 450,000 ريال يمني (أي ما يعادل حوالي 900 دولار في ديسمبر / كانون الأول 2018) من صنعاء إلى عدن دون موافقة مسبقة من البنك المركزي في صنعاء الخاضع لسيطرتهم، ومع ذلك، تشير مصادر في القطاع المصرفي استمرار تحويل الأموال عبر شبكات غير رسمية.
اقتصاد الحرب على انقاض الدولة
وعملت مليشيات الحوثي خلال الأشهر الأخيرة من 2018، على تعزيز قبضتها على الاقتصاد بتعيين القيادي في صفوفها محمد السياني محافظاً للبنك المركزي اليمني في صنعاء، وكان هذا التعيين محاولة رمزية من جانب مليشيات الحوثيين لتأسيس سلطة نقدية مستقلة في المناطق الخاضعة لسيطرتها وإنكار شرعية البنك المركزي الذي يتخذ من عدن مقراً له.
كما سعى الحوثيون لتركيز الايرادات وممارسة سيطرة أكبر على الاقتصاد، فأمرت مستوردي السلع بالعمل مع فروع البنوك التجارية في المناطق التي تسيطر عليها، وطالبت التجار بإيداع إيراداتهم من مبيعات السلع الأساسية في حساب يحتفظ به بنك التسليف التعاوني والزراعي – “كاك بنك” في صنعاء.
الى ذلك، استولت المليشيات الحوثية على الأصول المالية للرئيس الراحل علي عبد الله صالح، كما فرضت رسوماً جديدة على مزوّدي الكهرباء في القطاع الخاص، مما أدى إلى زيادة أسعارهم لتعرفة الكهرباء، مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي الحكومي منذ أعوام.
في يونيو / حزيران، نفذ الحوثيون حملة جشعة لجمع الضرائب والجمارك من التجار والشركات ومراكز التسوق، واضطر أحد أكبر مراكز التسوق في البلاد للإغلاق بعد أن رفض مالكه دفع أكثر من 500 مليون ريال ضرائب.
وأوضح التقرير أنه جرى بين يوليو 2015 وأوائل عام 2018، تعويم استيراد الوقود – التي كانت تخضع كليا في السابق لشركة النفط اليمنية الحكومية – في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، وقد سمح ذلك بدخول عدد من مستوردي الوقود الجدد إلى السوق بشروط جيدة مع مليشيات الحوثيين، مع الحصول وبشكل سريع على حصة من السوق وهو ما وفر للمليشيات فرصة أكبر لاحتكار توزيع وبيع الوقود