كشفت صحيفة “لا تريبون” الفرنسية، في مقال للكاتبة لينا كنوش، الأسباب التي دفعت السعودية لإنهاء الأزمة الخليجية مع قطر. برغم عدم امتثال الدوحة للشروط التي وضعتها الرياض في 2017.
وقالت الكاتبة في مقالها، إن نقاط الخلاف بين قطر والسعودية لا تزال قائمة رغم المصالحة الخليجية، لكن تغير الإدارة الأمريكية. سيجبر الرياض على إعادة تقييم موقفها والنظر مجددا في أولوياتها.
وحسب المقال، فقد أعلن وزير الخارجية السعودي، في 16 كانون الثاني/يناير، إعادة فتح السفارة السعودية في قطر، بعد عشرة أيام. من توقيع اتفاق المصالحة بين الدوحة ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.
وقالت الكاتبة إن موقف قطر لم يتغير كثيرا منذ سنة 2017، حيث لا تزال الدوحة ترفض الامتثال لمطالب المملكة العربية السعودية. بوقف “دعم” جماعة الإخوان المسلمين وقطع علاقاتها مع إيران.
وأضافت: “رغم عدم إحراز أي تقدم في حل نقاط الخلاف الرئيسية، باتت الرياض تفضل تجنب المواجهة حول القضايا الحساسة. والتركيز في المقابل على الجوانب العملية للمصالحة”.
وترى الكاتبة أن اتفاقية المصالحة الأخيرة قوّضت لائحة الشروط الـ13 التي وضعتها السعودية في شهر حزيران/يونيو 2017.
وينص الاتفاق الحالي على إعادة فتح الحدود السعودية القطرية، ورفع الحصار، والتزام دولة قطر بسحب الشكاوى المقدمة إلى الهيئات الدولية. على غرار منظمة التجارة العالمية ومحكمة العدل الدولية ومنظمة الطيران المدني الدولي.
واستدركت الكاتبة: “لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا قررت السعودية التغاضي عن النقاط الخلافية مع الدوحة. رغم أن المصالح الجيوسياسية للبلدين مازالت متباينة؟”.
ويعتقد الكثير من المحللين، أن المصالحة جاءت نتيجة ضغوط من إدارة ترامب ورغبة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته في تحقيق. نجاح سياسي يُحسب له في آخر أيامه بالبيت الأبيض.
وحسب الخبراء، فإن هذه المصالحة يمكن أن تخدم مصالح حلفاء الولايات إذا قررت قطر الانضمام إلى اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل.
وأشارت الكاتبة، إلى أنه من الواضح وبعيداً عن الحسابات السياسية للإدارة المنتهية ولايتها، أن المملكة العربية السعودية أعادت النظر في استراتيجيتها. السابقة تحسبا للعواقب المحتملة بعد تغيّر الإدارة الأمريكية.
في هذا السياق، يرى الكثير من المراقبين أن السعودية أصبحت في موقف ضعيف منذ سنتين، حيث انتهت سياسة الرياض الإقليمية الهجومية. التي انطلقت سنة 2015، بسلسلة من الإخفاقات.
وتبدأ هذه الإخفاقات، وفق الكاتبة، من مأزق الحرب في اليمن، مرورا بفضيحة اغتيال خاشقجي، وصولا إلى قضية الحريري.
وحسب رأي الكثيرين، فإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يعد المسؤول الأول عن هذه الحصيلة الكارثية وتآكل نفوذ الرياض الإقليمي لصالح أنقرة.
وأكدت الكاتبة أن قرار الرياض بإعادة العلاقات مع قطر، يرجع إلى عدم القدرة على التنبؤ بالتطورات القادمة في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة.
وأضافت: “خلال حملته الانتخابية، لم يتوان الرئيس الجديد عن تأكيد عزمه على إعادة تقييم علاقة الولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية”.
وأكملت بالقول: “من خلال المصالحة، تحاول المملكة العربية السعودية إرسال رسائل إيجابية إلى الإدارة الديمقراطية”.
بالإضافة إلى المصالح الاقتصادية المشتركة بين إيران وقطر، لا سيما أنهما يتقاسمان أكبر حقل غاز في العالم. وفّرت طهران للدوحة منذ بداية الأزمة الخليجية فرصاً لتخفيف حدة الحظر من خلال فتح المجال الجوي والموانئ.
وأضافت: “مكّن ذلك قطر من تخطي أزمة الاعتماد على الواردات من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فضلا عن تعزيز علاقاتها مع تركيا”.
وتشير الكاتبة إلى أن قطر اكتسبت خلال الأزمة تعاطفا كبيرا في الولايات المتحدة، حيث انتقد العديد من الدبلوماسيين والعسكريين. الأمريكيين الحصار الذي فرضته السعودية على الدوحة.
وأشاروا حسب الكاتبة، إلى أهمية قطر كشريك استراتيجي.
وعلى خلاف الرياض، يرى كثيرون أن الدوحة بذلت جهودا حثيثة من أجل إيجاد حل سلمي للصراعات التي طال أمدها في سوريا وليبيا، بالتعاون مع تركيا.
وبعد المصالحة الخليجية، تسعى قطر حاليا لأداء دور الوساطة بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران، في إطار المفاوضات المتوقعة. بين واشنطن وطهران، وفي الصحيفة.
وفي المقابلة التي أجراها مع موقع بلومبيرغ في 18 كانون الثاني/ يناير. أعرب وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني عن أمله. في انعقاد قمة بين المسؤولين الإيرانيين وقادة دول مجلس التعاون الخليجي في وقت قريب.
وحسب الكاتبة، فإن المملكة العربية السعودية تريد من خلال إظهار الانفتاح، دفع الولايات المتحدة إلى اتخاذ موقف أكثر تشددا تجاه طهران.
وفي حين أن هدف إدارة ترامب من المصالحة بين الرياض والدوحة كان توسيع وتقوية حلف الدول المعادية لطهران. من أجل عزل. الجمهورية الإسلامية وإضعافها؛ فإن موقف إدارة بايدن تجاه طهران يبدو غير واضح إلى حد اللحظة.
وحسب الكاتبة، فإن كلا من السعودية وإسرائيل يرغبان في تقويض أي جهود لعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي.
واستدركت: “لكن بعد أن عبّر بايدن في كانون الأول/ ديسمبر الماضي عن نيته العودة إلى الاتفاقية، فإن التعليقات التي أدلى بها وزير خارجيته. أنتوني بلينكن في 19 كانون الثاني/ يناير الماضي، تدل على غموض الموقف الأمريكي”.
وترى الكاتبة أنه بغض النظر عن موقف إدارة بايدن من الرياض، فإن من مصلحتها الحد من التوتر الإقليمي، لذلك فإنها ترحب بالمصالحة.
وأشارت إلى أن ذلك بهدف التركيز على الخطر الاستراتيجي الذي تشكله الصين، يأمل جو بايدن أن تنخفض حدة الصراعات بين حلفائه الخليجيين.