يبحث المجلس الأمني والسياسي المصغر في تل أبيب، عن وقف لإطلاق النار من جانب واحد إلا أنه قلق من التورط في شروط حماس، بحسب تقرير لصحيفة (يديعوت أحرنوت) العبرية.
وكشف تقرير الصحيفة عن كواليس ما يدور داخل الحكومة الإسرائيلية من نقاشات من أجل إنهاء الحرب على غزة، حيث تحدثت عن سعي الحكومة الإسرائيلية لتمديد العدوان على قطاع غزة.
وذلك بهدف ضرب المزيد من أهداف المقاومة، واستمرار محاولاتها للوصول إلى قادة المقاومة، كي تخرج بصورة المنتصر، والاحتفال بتحقيق إنجاز ملموس أمام الغرب.
إلى ذلك أشارت (يديعوت أحرنوت) إلى أن حلفاء إسرائيل في العالم الغربي، يرون أن توجيه ضربات للمقاومة الفلسطينية هو نصر لإسرائيل.
كما كشفت الصحيفة أن لدى المؤسسة الدفاعية في حكومة تل أبيب شعور بالنصر.
لكنها تطمح لمزيد من الوقت كي تعزز هذا الشعور، بضرب مزيد من الأهداف.
أما في الحدث عن التهدئة، أو إعلان عن وقف لإطلاق النار، فإن الصحيفة قالت إن إسرائيل تبحث عما يعرف بـ”آلية الخروج” دون أن تسمح لحماس بالسيطرة على اللعبة ووضع شروطها.
ولتحقيق هذا، تسعى إسرائيل أن تعلن من جانب واحد انتهاء الحرب، في محاولة منها لمنع حماس و مصر على حد سواء بإلغاء إنجازها كما فعلوا عام 2014.
ويشار إلى أنه وبسبب اتساع مدى صواريخ المقاومة القادمة من غزة، اختار الصحفي الإسرائيلي يوآف شتيرن مغادرة مكان سكنه في تل أبيب والانتقال إلى بلدة بردس حنا على بُعد 60 كيلومترا.
وأشار (شتيرن) في حديث لموقع (الجزيرة نت) إلى أن قصف تل أبيب برشقات صاروخية لم يفاجئ الإسرائيليين الذين باتوا على قناعة بأن صواريخ المقاومة ستسقط أبعد من تل أبيب، فقد أرسلت لهم المقاومة رسالة تحذيرية في نهاية حرب 2014.
ويؤكد الصحفي الإسرائيلي أن تل أبيب لم تعد آمنة اليوم كما كانت في السابق، فالكثير من العائلات والأسر هجرتها بعد أن أضحت في مرمى صواريخ المقاومة.
وأوضح شتيرن أن “تل أبيب تعيش اليوم -ومعها نحو 5 ملايين مواطن في جنوب البلاد- حالة من الخوف والهلع، وهو الأمر الذي لم يعهده سكان المدينة في جولات التصعيد السابقة.. اليوم مسيرة الحياة التي اعتادت عليها تل أبيب وتميزت بالهدوء خلال الحروب ما عادت كذلك، وهي معادلة فرضتها المقاومة وصواريخها”.
ويعتقد (شتيرن) أن نمط وأسلوب الحياة اليومي في تل أبيب وضواحيها قد تغير ولن يعود كما كان.
مضيفا “ما عاد هناك حياة ليل وترفيه، فهناك عائلات تهجرها بحثا عن الأمن والأمان المؤقت”.
كما رجح الصحفي الإسرائيلي أنه بعد انتهاء الحرب فإن الكثير من العائلات ستنتقل للسكن ببلدات أخرى.
ولفت إلى أن “العاصمة الاقتصادية والتجارية تشهد ركودا في التعاملات، وقد ينعكس ذلك سلبا مستقبلا على السياحة وما توفره من فرص عمل، وكذلك على كون المدينة تمثل منطقة جذب للاستثمارات والقوى العاملة والأدمغة المحلية والأجنبية، والعائلات والأزواج الشباب الذين سيفكرون مليا قبل اتخاذ قرار السكن في تل أبيب”.
هذا وخلص شتيرن إلى أن “إسرائيل باتت تعيش واقعا جديدا، حيث لم تعد هناك منطقة بعيدة عن نيران وصواريخ المقاومة”، وفي حين اعتبر ذلك إنجازا لحركة حماس، فإنه رأى أن ردة الفعل الإسرائيلية عبر الضربات العسكرية القوية لن تغير من هذا شيئا.
ويتبنى الطرح ذاته المتحدث باسم كتلة “السلام الآن” آدم كلير، الذي يسكن في مدينة “حولون” المتاخمة لتل أبيب، وكانت أولى البلدات اليهودية في منطقة المركز التي سقطت بها صواريخ المقاومة وتسبب بإصابات وأضرار جسيمة في الممتلكات.
يقول كلير إن إسرائيل تواجه واقعا جديدا بعد قصف تل أبيب التي كانت رمزا لمناعة الأمن القومي سواء للدولة أو الفرد الإسرائيلي، إذ غابت عن تل أبيب -بفعل صواريخ المقاومة وصفارات الإنذار- حياة الليل والترفيه، كما تعطلت
عجلة الاقتصاد وحركة التجارة والسياحة الداخلية، خصوصا أن المدينة كانت على موعد مع نشاط سياحي كبير خلال الشهر الجاري.
وسرد كلير اللحظات الأولى لسماع دوي صفارات الإنذار في مسقط رأسه والتي تعالت أيضا في تل أبيب، “لأول مرة نسمع هذا الصوت الذي ينذر بالحرب على جبهة غزة، غالبا ما عاشت المنطقة بعيدا عن هذه الأصوات التي خلقت الآن حالة من التشتت والشعور المبهم والإحباط والخوف من المستقبل”.
وأضاف “لقد شعرت بغربة بعض الشيء، أنت تحاول العيش كالمعتاد، بينما تحدث أشياء مروعة في مكان آخر تزحف نحوك، وهذا لم تعهده تل أبيب بالسابق”.
وبحسب كلير، تعد تل أبيب بالنسبة لليهود مدينة “مقدسة”، إذ تشكل رمز القوة الاقتصادية والتقدم والحداثة وثقافة الوفرة، وحياة الليل وأسلوب الحياة الممتعة.
وفي المقابل، فإن المدينة في نظر الفلسطينيين تجسد رمزا رئيسيا لجرائم القتل والتهجير في النكبة.