أثارت التقارير الأخيرة المنتشرة عن الوضع الصحي الخطير للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، والتي وصل بعضها إلى الحديث عن وفاته جدلا واسعا في الأوساط السياسية وسط حديث عن الشخصية التي يمكن أن تخلفه في قيادة حزب الله.
بعض المواقع نشرت أمس، الثلاثاء، خبراً مفاده أن نصرالله توفي نتيجة مضاعفات إصابته بفيروس كورونا، فيما نقلت مواقع أخرى، مساء الأحد الماضي، خبراً يزعم أن “مصادر طبية موثوقة كشفت عن تدهور خطير لصحة نصر الله، وقد دخل في غيبوبة منذ منتصف ليل اليوم السابق”، وهو ما نفاه الحزب.
وقبل ذلك أثار هذا الظهور يوم 25 مايو 2021 قلق جمهوره، حيث كثر سعاله، وتحدّث بصوت خافت بشكل ملحوظ، ليس هو المعتاد له، واعتذر لجمهوره من كثرة السعال.
وقد لازمت الكحّة المتقطعة نصرالله خلال كلمته، التي قرأها من ورقة هذه المرة، بخلاف عادته في الخطابة.
وبحسب مصدر مطلع فإن “نصر الله” يُعالج من مرض التحَسّس الربيعي والتهاب رئوي يصاب به سنوياً في مثل هذه الأيام.
نفس المصدر أكد في تقرير سابق لموقع “عربي بوست”، أنّ صحة حسن نصرالله آخذة في التحسن، وأنها أصبحت أفضل مما كانت عليه خلال إطلالته السابقة.
ويلفت المصدر إلى أنها ليست المرة الأولى التي يعاني فيها نصر الله من هذا التحسس وتفاعلاته، لكنه كان يُعالج دون الحديث عن مرضه، ولأنّ مرضه لم يكن يترافق مع مناسبات عامة كان يظهر بها للجمهور.
خلافاً لما حدث في هذه المرة، حيث صودِف أنه تعرض لموسم الحساسية والالتهابات خلال فترة الاحتفال بذكرى التحرير التي لا يستطيع أن يغيب عنها لدلالاتها الرمزية الكبيرة.
ومن شأن غياب كاريزما نصر الله فقدان الحزب جزءاً من الهيمنة الأيديولوجية والنفسية على الطائفة الشيعية، والاعتماد أكثر على التعصب الطائفي، والتلويح بالقوة، خاصة في ضوء تراجع المساعدات المالية التي يقدمها الحزب، والتي كانت دوماً إحدى وسائل تعزيز نفوذه.
ولا يُعرف إلى الآن ما هي الآلية التي على أساسها يتم اختيار الأمين العام لحزب الله، الذي هو أعلى منصب قيادي للحزب.
وعندما أطيح بأول أمين عام للحزب، صبحي الطفيلي، تولى عباس الموسوي المنصب، وبعد مقتل الأخير جاء نصر الله خلفاً له.
وفي الأغلب سيكون الدور الإيراني الأساسي في اختيار خليفة نصر الله، ظل تبعية الحزب لولاية الفقيه.
كما أنه لا يشترط بالضرورة أن الشخص الذي يتولى أعلى منصب معروف في الحزب هو المرشح لخلافة نصر الله، مثل الشيخ نعيم قاسم، الأمين العام المساعد للحزب، الذي سبق أن تخطاه نصر الله ووصل لقيادة الحزب رغم أن قاسم كان يتولى المنصب الذي يشغله حالياً.
وحزب الله لا يعتمد آلية مكشوفة في تعيين أمين عام، دائماً يُختار الخليفة من المجلس الجهادي للحزب، هذا المجلس الذي يرأسه صورياً نصر الله، لكن عملياً كان يرأسه عماد مغنية.
ولذا يتوقع بشكل كبير أن يتم اختيار خليفة نصر الله منه، بحسب ما قاله المحلل السياسي المهتم بالتنظيمات السياسية اللبنانية علي حيدر لموقع “ساسة بوست”.
وسبق أن ذكرت صحيفة خورشيد الإيرانية، أن صفي الدين اختير ليكون خليفة نصر الله في حال اغتياله.
ويبلغ صفي الدين من العمر 57 عاماً، ويلقب بالرجل الثاني في الحزب، إذ يعد أحد القادة البارزين، كما أنه رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله (حكومة حزب الله)، وتجمعه صلة قرابة بحسن نصر الله (ابن خالته).
ومتزوج من ابنة محمد علي الأمين، عضو الهيئة الشرعية، في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى.
درس صفي الدين في مدينة قم الإيرانية مع ابن خالته نصر الله، وهو على علاقة وثيقة معه، ومن الداعمين لفكرة ولاية الفقيه.
ويعتبر موقع رئيس المجلس التنفيذي الذي يشغله صفي الدين، ثاني مواقع القيادة في حزب الله، إذ يتولى متابعة التفاصيل اليومية في العمل الحزبي والإجراءات التنظيمية، كما أنه يتحكم في مفاصل الحزب كافة، ويوصف بأنه المتابع المباشر للملفات المؤسساتية، وهو محسوب على تيار الأمن في الحزب.
كما أن رئيس المجلس التنفيذي للحزب هو تلقائياً من أعضاء مجلس الشورى، القيادة الفعلية للحزب.
وساعد إشراف صفي الدين على الشؤون السياسية والبرامج الاجتماعية والاقتصادية للحزب في إنشاء علاقات قوية مع قيادات في الجناح العسكري، حسبما ورد في تقرير لموقع “إرم نيوز”.
ويدير صفي الدين -أيضاً- مجموعة استثمارات هائلة الحجم، تهدف إلى تأمين الاستقلالية المالية لحزب الله، وتأمين تمويل جسده التنظيمي الهائل.
وأدرجت الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية صفي الدين في عام 2017، على القائمة السوداء للإرهاب، على خلفية مسؤوليته عن عمليات لمصلحة الحزب في أنحاء الشرق الأوسط، وتقديمه استشارات حول تنفيذ عمليات إرهابية.
ويعكس زواج زينب سليماني بعد نحو 6 أشهر من مقتل والدها، قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني، من رضا هاشم صفي الدين، العلاقة المتينة بين هاشم صفي الدين والقيادة الإيرانية.
كما يعتبر نعيم قاسم -نظرياً- الرجل الثاني في الحزب، إذ يشغل منصب نائب الأمين العام، لكن وجوده في موقعه هذا لم يجعله يتولى الأمانة العامة للحزب، عندما اغتيل عباس الموسوي في عام 1992، وهذا ما يقلل فرصه لأن يكون خليفة نصر الله.
يبلغ قاسم من العمر 68 عاماً، ودرس الكفاءة في الكيمياء باللغة الفرنسية من الجامعة اللبنانية، كما أن دراسته الدينية تزامنت مع الدراسة الأكاديمية، حيث حصل على المراحل العليا من الدراسة الحوزوية.
عمل مع موسى الصدر في بداية تأسيس حركة المحرومين، وانخرط في حزب الله مع بداية انطلاقته في عام 1982، لكنه لم يكن من المؤسسين، وإن كان من الذين عملوا بجهد في عملية انطلاق الحزب.
ويشغل منصب نائب للأمين العام لحزب الله، منذ سنة 1991 لخمس دورات متتالية. وهو المسؤول عن العمل النيابي والوزاري في الحزب.
وقاسم على علاقة مميزة مع رئيس كتلة نواب الحزب، محمد رعد، لاعتبارات تتعلق بقدومهما من حزب الدعوة.
طلال حمية من مواليد 27 نوفمبر/تشرين الثاني 1952، منحدر من بلدة طاريا، الواقعة في البقاع الأوسط، وهو من الشخصيات القليلة التي تتواصل بشكل مباشر مع نصر الله، حسب تقرير لموقع مجلة “المجلة”.
وهو من أبرز المرشحين ليكون خليفة نصر الله في حال غياب الأخير.
وينتمي حمية للجناح العسكري للحزب، لذا فإنه متوارٍ عن الأنظار، ويعمل بالخفاء، كما يعتبر حمية من الجيل الأول للحزب، حيث انضم إليه في منتصف الثمانينات حين تولى مسؤولية تنشئة عناصر من الحزب في برج البراجنة بضاحية بيروت الجنوبية، وكان حمية مقرباً من القيادي العسكري الأول للحزب عماد مغنية، الذي قتل في عام 2008 في سيارة مفخخة في دمشق.
ويحمل حمية عدّة أسماء مستعارة منها “طلال حسني” و”عصمت ميزاراني”، وهو واحد من الشخصيات الصلبة والغامضة في حزب الله اللبناني، إذ يوصف بأنّه يتمتع بذكاء شديد، ويوصف كذلك بـ”الشبح” لابتعاده عن الحياة الاجتماعية، والتزامه بقواعد أمنية متشدّدة، إذ لا توجد لديه أيّ أوراق رسمية في لبنان، رغم أنّ حميّة قبل أن يصبح في صفوف حزب الله عمل موظّفاً إداريّاً في مطار بيروت حتى عام 1982، حسبما ورد في تقرير لموقع “ساسة بوست“.
ويقود حمية (الوحدة 910)، المسؤولة عن العمليات الخارجية السريّة للحزب، خاصة أن مهمّته في التنسيق منحته خبرة كبيرة في هذا المجال، ولذلك تولّى -حسب الاستخبارات الغربية- رئاسة المجلس الجهادي للحزب في العام 2016.
وهو يشغل “خلايا نائمة” في جميع أنحاء العالم، حسب مصادر إسرائيليّة،
خاصة في أمريكا الجنوبية وأوروبا الغربية، وكذلك أنشأ بعضها في دول الخليج وإفريقيا، مرتكزاً على الحاضنة الشعبية الشيعية التي تتعاقد مع المتعاونين والوكلاء لجلب الدعم المالي واللوجستي للحزب، علاوة على دوره في تجنيد متطوعين للعمليات بالخارج، وأبرزها توظيف المتطوّعين وإرسالهم إلى العراق.
ينحدر فؤاد شكر من قرية النبي شيت في محافظة البقاع، وهو من مواليد عام 1962، وانضم إلى حزب الله منذ تأسيسه في ثمانينات القرن الماضي، حيث تدرج في المناصب ليصبح مستشاراً في الشؤون العسكرية لنصر الله.
ووفقاً للمعلومات، يشغل شكر عضوية المجلس الجهادي، وهو أعلى هيئة عسكرية بالحزب، وقد تولّى قيادة قوات حزب الله في سوريا خلفاً للقيادي السابق مصطفى بدر الدين، الذي قتل في عام 2016.
وضع اسمه في يوليو/تموز 2015 على قائمة العقوبات الأمريكية، وكذلك على قوائم الإرهاب في المملكة العربية السعودية؛ بسبب اتهامات بـ”تورطه في نشر الفوضى وعدم الاستقرار وشنّ هجمات إرهابية” حسب البلدين، كما وضعت في أكتوبر/تشرين الأول 2017 وزارة الخارجية الأمريكية مكافأة تصل إلى 5 ملايين دولار للحصول على معلومات عن فؤاد شكر، سواء الإدلاء بمكانه أو معلومات تؤدي إلى اعتقاله أو إدانته.
ورغم تداول اسم شكر كخليفة محتمل لنصر الله، فإن فرص وصوله إلى المنصب تبقى منخفضة مقارنة بحمية، الذي يتقدم عليه في الموقع العسكري بالحزب، حيث كان الرجلان مرشحين لموقع نائب رئيس المجلس العسكري، بعد اغتيال مغنية قبل أن ينزع منه حمية هذه القيادة.
وعن احتمالية وصول شكر لمنصب الأمين العام وأن يكون خليفة نصر الله، يقول المحلل السياسي علي حيدر: “رغم وجود شكر بالمجلس الجهادي، أعتقد أن أسهمه ليست مرتفعة بشكل كبير، ولكن لا أستبعد ترشحه، وإن كان حمية هو الأكثر حظاً في الترشيح”.