قالت صحيفة “القدس العربي” إنها حصلتعلى معطيات وبيانات دقيقة، عن محاولات الغرف المظلمة في عدد من دول المنطقة، وعلى مدى اليومين الماضيين، تأجيج الأوضاع في قطر، والتلاعب بعدد من (الهاشتاغات) الوسوم المتعلقة بانتخابات مجلس الشورى، وتوجيهها في سياق متعمد، لتأليب الرأي العام، وإثارة النعرات القبلية في المجتمع.
وخلال الأيام الماضية لوحظ نشاط قوي لعدد من الحسابات الوهمية، أو الحديثة النشأة، أو المشبوهة، التي قامت بتحويل النقاش الحاصل حول انتخابات مجلس الشورى وهي التجربة الأولى في قطر، نحو وجهة أخرى، هدفها خلق بلبلة.
وقامت تلك الجهات بتحويل النقاش الحاصل حول انتخابات مجلس الشورى وهي التجربة الأولى في قطر، نحو وجهة أخرى، هدفها خلق بلبلة.
وبدا ظاهراً لأي متابع لمجريات الأحداث في قطر، من خلال ذلك الهجوم أن البلد على صفيح ساخن. لكن “القدس العربي” ومن خلال تحليل المعطيات، والتواصل مع خبراء في المجال، تبين أنها كلها فقاعات، وأخبار مضللة، وحقيقة الأمر أن الوضع هادئ، وطبيعي، باستثناء ما أثاره قانون الانتخابات من حساسيات، لدى فئة من قبيلة معروفة.
ومن أبرز الملاحظات محاولة تضليل الجمهور أن السلطات أغلقت معظم الشوارع الرئيسية في الكورنيش، واستخدام خريطة غير دقيقة، وهي في الأصل اضطراب سببته أشغال توسيع الشارع التي أعلنت عنها السلطات قبل أسبوع، وتنتهي مهلتها فجر الثلاثاء.
وكانت هيئة الأشغال العامة “أشغال” أعلنت يوم 3 أغسطس/ آب عن إغلاق مروري مؤقت في كِلا الاتجاهين على شارع الكورنيش، وذلك ابتداءً من صباح يوم الجمعة الموافق 6 أغسطس/ آب إلى فجر يوم الثلاثاء الموافق 10 أغسطس/ آب 2021 بهدف استكمال تنفيذ بعض الأعمال على شارع الكورنيش، وذلك بالتنسيق مع الإدارة العامة للمرور بوزارة الداخلية.
لكن الحسابات الوهمية قادت حملة تضليل واسعة شارك فيها مغردون من الإمارات، وحتى مواقع إعلامية رسمية، وبعض الإعلاميين السعوديين المحسوبين على أبوظبي، حاولت الترويج أن السلطات القطرية أغلقت الشارع الرئيسي في الدوحة، والادعاء بوجود خطب ما. وهو ما توضحه مثل هذه العينة.
كما لوحظ أن عددا معتبرا من الوسوم الأكثر انتشارا كان مصدرها الإمارات، ودول أخرى في المنطقة، ومعظمها محاولات تضليل وبث أخبار مغرضة.
وحصلت الصحيفة على لائحة خاصة بآلاف الحسابات الوهمية، وتحتفظ بها، وحاولت عرض نماذج منها لإدارة تويتر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومقرها دبي في الإمارات العربية. وسألنا المشرفين على التواصل لدى “تويتر” عن ملابسات ما يحدث، وكيف أن الموقع لم يتدخل لمراجعة تلك الحسابات الوهمية.
كما سألنا تويتر عن تفسيرهم لوجود وسم سابق ظهر فجأة ولم يغرد عليه سوى عشرات الحسابات ومعظمها وهمية، وارتقى بسرعة الترند وكان الأكثر تداولاً.
وكان رد “تويتر” من مقرهم في دبي، أنهم سيتأكدون من تلك المعلومات، ويقدمون إجابات، حيث طلبوا نماذج، حولناها لهم.
وتواصلت الصحيفة مع الدكتور مارك أوين جونز الأستاذ المساعد في دراسات الشرق الأوسط والعلوم الإنسانية الرقمية، بجامعة حمد بن خليفة، وهو خبير مشهود له في تحليل البيانات، للتأكد من المعلومات المتداولة.
وفي رده على سؤال “القدس العربي” هل فعلاً هناك محاولة توجيه الترند في قطر؟ واعتبار أن من يقف خلفها دولة ما؟ كان رد الخبير أنه بالفعل، هناك محاولة واضحة لزيادة انتشار الوسم، والأخبار المتعلقة بانتخابات قطر من قبل الراغبين في خلق جو مشحون ضد قطر، والترويج للأخبار بشكل سلبي. وأكد أن “هذا واضح من التحليل”. واستطرد أنه “من الصعب التأكد من هوية الدول التي تقف وراءها، على الرغم من أن المؤثرين الإماراتيين يبدون بارزين للغاية، وهذا يتناسب مع العلاقات الجيوسياسية الحالية”.
ونشر مارك الباحث البريطاني المعروف في الأوساط الأكاديمية أنه “صائد الذباب الإلكتروني”، وسبق له أن فضح في مناسبات عدة مثل هذه الأخبار المضللة، سلسلة تغريدات على صفحته الموثقة، يشرح فيها حقيقة ما جرى.
وأشار إلى أن هذا المسار الملاحظ، حول انتخابات مجلس الشورى القادمة التي طال انتظارها في قطر، والتلاعب في وسم “انتخابات مجلس الشورى”.
وكشف أنه حلل حوالي 18000 تفاعل خلال الساعات الأخيرة، تضمنت حوالي 8600 حساب فريد.
وشدد مارك أن العينة التي تابعها خلال اليومين الماضيين، وتشمل عمومًا غالبية النشاط على الوسم، ركز فيها على التلاعب والتضليل، دون الحكم على القضايا المهمة التي يتم طرحها، والجدل المثار حول قانون الانتخابات وهو موضوع آخر.
ومن أبرز النتائج التي تم التوصل إليها هو أن التلاعب بالمحتوى واضح، ولا لبس حوله.
وكشف الخبير البريطاني آليات عمل الذباب، من خلال إعادة تغريد الأخبار المضللة مئات المرات، وهي حسابات ليست أصيلة في المجتمع، حيث تقوم الحسابات بالتغريد باستخدام نفس التطبيق، في هذه الحالة، تطبيق “Twitter Web”، أو “تطبيق المتصفح”، والذي يستخدم غالبًا للتلاعب أكثر.
وكشف الباحث أنه بمجرد إلقاء نظرة على الحسابات أيضًا، سندرك أنها وهمية، وقدم مثالاً لحسابات وهمية أو مسروقة، وبيانات أصحابها تشير إلى أنهم في بريطانيا، أو دول أخرى، ولا علاقة لأصحابها الحقيقيين بما يكتب عن الموضوع.
كما لفت نظره وجود حساب لإعلامي إماراتي يدعى “مبارك اليافعي” كان من أبرز مصادر تحويل الأخبار المضللة.
ولاحظت الصحيفة أن عدداً من النشطاء القطريين نشطوا على نشر حقيقة ما يحدث، ودعت فعاليات عدة لنبذ الفتنة ووأدها، وعدم الانسياق وراء حملة مضللة لتأجيج الوضع، حيث حصد وسم #شعب_واحد_وولائنا_تميم اهتماماً واسعاً، وكان الأكثر انتشاراً، لكنه فجأة تراجع، وكاد يختفي من لائحة المتداول، وهو ما دفع متابعين لطرح علامات استفهام، عن الجهات التي تتحكم في نشر ما يتعلق بقطر.
وكانت وزارة الداخلية القطرية أعلنت عبر حسابها أن “الجهات المختصة أحالت (7) أشخاص، إلى النيابة العامة بعد قيامهم باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في نشر أخبار غير صحيحة وإثارة النعرات العنصرية والقبلية.
ويتعلق النقاش الدائر في بداياته عن امتعاض بعض وجهاء عائلات من قبيلة المرة المنتشرة في عدد من دول المنطقة، من مواد في قانون الانتخابات، واعتبروها مقصية لهم.
وأشارت مصادر قطرية إلى أن النقاش حول الموضوع، وحول القانون، كان يمكن أن يظل في دائرة النقد، ويعالج وفق الأطر الرسمية، مع انطلاق مرحلة التظلمات، لكنه شهد توجيهاً من طرف جهات خارجية، وتأجيجاً.
وكان الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري السابق انتقد في سلسلة تغريدات هذا الطرح، وخروج الموضوع عن الأعراف والتقاليد.
وشدد أن “العائلة القطرية تحل أمورها، تحت راية الوطن، وتحت راية ولي الأمر، خاصةً أن هناك لجنة تظلم أمر بها الأمير المفدى”.
واختتم الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني سلسلة تغريداته بالتأكيد أن قطر “تمر في تجربة لا أريد أن أسميها ديمقراطية، بل هي مشاركة شعبية، وفي كل تجربة جديدة تحصل بعض الثغرات ولكن ما هكذا تورد الإبل”.