تقضي بدرية صالح نهارها في صناعة البخور وتغليفه وتوزيعه إلى الزبائن في محال بيع أدوات التجميل، وبين الدلالات، اللاتي يأخذن منها مجموعات من العلب للبيع مقابل فارق في السعر.
وتسرد صالح ( 40 عاما- مقيمة في مدينة تعز) قصتها مع البخور قائلةً" توفي زوجي بعدما بدأت الحرب عام 2014م، وما كان من سبيل لدي إلا أن أمتهن هذه المهنة في سبيل الحصول على قوت الحياة لأسرتي ودفع إيجار البيت البالغ 400 ريال سعوي".
وتساهم صناعة البخور في تحسين الوضع المعيشي للعديد من لأسر اليمنية، كما أنها تعمل على الحفاظ على التراث الثقافي للبلاد؛ فصناعة البخور جزء لا يتجزأ من الثقافة اليمنية والتراث اليمني.
وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها صناعة البخور في اليمن، مثل ارتفاع أسعار المواد الخام وصعوبة تسويق المنتجات؛ إلا أنها لا تزال صامدة وتزدهر بفضل إصرار وعزيمة العاملين فيها.
ومؤخرًا احترفت الكثير من اليمنيات هذه المهنة من أجل إعالة أسرهن والتغلب على الأوضاع المعيشية الصعبة التي تعيشها غالبية الأسر اليوم في ظل الانهيار الاقتصادي غير المسبوق.
*خلطات متنوعة
وأضافت صالح لـ" المهرية نت" كنت أعمل خلطات بخور عرائسي وخلطات أخرى وبعدها أقوم بتوزيعها على الدكاكين المجاورة والمكتبة القريبة من سكننا، لكني لاحظت بعد فترة أن البيع بهذه الطريقة غير مربح ويحتاج إلى وقت طويل، أحيانا يستغرق الوقت إلى شهر كامل من أجل بيع كمية صغيرة، وبعدها قمت بعمل مجموعة عبر الواتساب وقمت بالتوزيع لجيراني الذين بدورهم عملوا على الترويج لبضاعتي".
وتابعت" كان أكثر من يشتري مني جيراني ومن يعرفونهم، حتى تطوور البيع نحو الأفضل، وبعدها بدأت بالبيع إلى خارج اليمن بنسبة قليلة وذلك عن طريق الزبائن اليمنيين الذين يأتون لي من مجموعاتي في وتساب ".
وواصلت" البيع عن طريق الدلالات يفيديني كثيرا فأنا لا اضطر فيه إلى الترويج لبصاعتي وإنما أعطي الدلالات البضاعة بسعر أقل وهن يقمن ببقية المهمة".
وأشارت إلى أنه" مؤخرا لم تعد المهنة مربحة كما كانت سابقا، فاليوم كثرت النساء اللاتي يمتهن هذه المهنة، وهناك العديد من المعاهد من قامت بتدريس هذه المهنة، الأمر الذي تسبب بازدحام البضاعة وندورة المشترين إلا أن الأمر لا يزال مناسبا لنا في البيع".
*مصدرُ دخلٍ مناسب
في السياق ذاته تقول الناشطة الاجتماعية، هبة الصبري" صناعة وبيع البخور كانت من المهن التقليدية؛ لكنها في السنوات الأخيرة تحولت إلى مصدر دخل للعديد من الأسر؛ خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تشهدها اليمن".
وأضافت الصبري لـ" المهرية نت" الأزمة الاقتصادية، والبطالة دفعت الكثير من النساء إلى البحث عن مشاريع منزلية منخفضة التكلفة فكانت صناعة البخور من ضمن الحرف التي أقبلت عليها الكثير من نساء اليمن، إضافة إلى حرف أخرى".
وأردفت" المبادرات المجتمعية وبرامج دعم المشاريع الصغيرة دفعت بالكثير من النساء إلى دراسة دورات تدريبية بهذا المجال بالإضافة إلى وجود الانترنت والمحتويات التي تشرح طريقة عمل البخور، سهل الأمر أمام الكثير من النساء".
وتابعت" كما ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في توسيع نطاق تسويق البخور، فقد أصبحت العديد من النساء يروجن لمنتجاتهن عبر الإنترنت، سواء البخور أو غير من المنتجات ما أتاح لهن فرصًا اقتصادية جديدة دون الحاجة إلى رأس مال كبير".
وواصلت" هناك معوقات تواجهها النساء اللاتي امتهن هذه الحرفة مثل ارتفاع تكاليف المواد الخام، وقلة نسبة الإقبال على المنتجات بسبب الغلاء المعيشي من جهة، وبسبب كثرة الإنتاج في هذا المجال من جهة أخرى".
*مشروعٌ بسيط
بدورها تقول أم جار الله" أجبرتني الحياة أن أسلك طريق العمل بما يتناسب مع إمكانيتي وسوق العمل وعادات وتقاليد مجتمعي، فاتخذت طريق العمل بالبخور والعطور بإمكانيات بسيطة كمشروع أستطيع من خلاله توفير بعض احتياجات عائلتي".
وتضيف أم جار الله، البالغة من العمر( 29 عاما )، الساكنة في ريف مديرية العدين محافظة إب"حققت بهذا المشروع البسيط نجاحًا على مستوى منطقتي واكتسبت خبرة أكثر من بعض الإخوة والأخوات العالمين بهذا المجال مما زادني شغفا في تطوير مشروعي وتوسيع علاقاتي من خلال المنتج المحلي الذي أصنعه وأبيعه بسوق العمل".
وتابعت" أحب أقول إن المرأة اليمنية قوية وقادرة على العمل مثلها مثل الرجل، والعمل ليس حكرًا على الرجل وحده، فيجب أن تكون المرأة حاضرة وسندا لعائلتها".
وواصلت" الوضع المعيشي اليوم يتطلب منا الوقوف إلى جانب أسرنا بما نقدر عليه ونصيحتي لكل فتاة أن تحاول أن تقف بما تستطيع بجانب والدها وعائلتها وتفتح لها مشروعا يناسبها، ويناسب بيئتها، فمثلاً صناعة البخور، أو تعلم النقش والكوافير أو الخياطة وغير ذلك؛ فهذه المشاريع تفيدها وتفيد المجتمع".
وأشارت إلى أن،" الحرب أفقدت الجميع أبواب أرزاقهم، ورغم ذلك فإن باب الله لا يغلق، والاجتهاد- بلا شك- يثمر وتكون نتائجه إيجابية ومفيدة"