هنا عدن | متابعات
كتب | ابراهيم المدهون
محلل سياسي فلسطيني
لطالما اشترطت الولايات المتحدة انخراطها في أي حوار مع حماس بضرورة اعتراف الأخيرة بإسرائيل، وهو شرط ظل ثابتًا في السياسة الأمريكية لعقود. غير أن الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر، وما أظهرته حماس من قدرة على الصمود والمناورة السياسية، دفعت واشنطن إلى إعادة تقييم استراتيجيتها تجاه المشهد الفلسطيني.
انخراط الولايات المتحدة في حوار مباشر مع حماس، ولو كان في إطار ملفات إنسانية محددة مثل الأسرى، يُشكّل تحوّلًا مهمًا في التعاطي الأمريكي مع الحركة. ورغم أن هذا المسار يبدو منفصلًا عن جهود الوساطة التي تقودها قطر ومصر، إلا أنه يساهم في خلق بيئة تفاوضية جديدة قد تؤثر على مخرجات التفاوض الأساسي بشأن وقف إطلاق النار والمستقبل السياسي لقطاع غزة.
انعكاسات الحوار الأمريكي-الحمساوي
يكشف المسار الموازي الذي اتخذته الولايات المتحدة عبر التفاوض بشأن الأسرى الإسرائيليين من حملة الجنسية الأمريكية عن إدراك واشنطن أن تجاوز حماس كفاعل أساسي في المشهد الفلسطيني لم يعد ممكنًا.
ورغم أن هذا الإدراك لا يعني بالضرورة تحولًا استراتيجيًا في الموقف الأمريكي، إلا أنه يفتح الباب أمام مقاربات جديدة للتعامل مع الواقع القائم.
مجرد قبول واشنطن الدخول في هذا المسار التفاوضي يُعد اعترافًا ضمنيًا بحماس، ويؤكد أن محاولات عزلها لم تعد مجدية. كما أن هذا الحوار، رغم أنه لا يتداخل مباشرة مع الوساطات الإقليمية الأخرى، قد يسهم في تعزيز فرص نجاحها عبر تهيئة الأجواء لمفاوضات أكثر شمولًا في المستقبل.
في ظل المشهد السياسي المعقد، يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال غير مستعد لاتخاذ قرارات سياسية جريئة، خاصة مع شعوره بالهزيمة المتزايدة، وتصاعد حدة الانقسام الداخلي، وخوف نتنياهو من انهيار حكومته. كل هذه العوامل تجعل احتمالية فشل المفاوضات مرتفعة، ما لم تُمارَس ضغوط أمريكية وإقليمية أقوى لإجبار إسرائيل على تقديم تنازلات حقيقية.
ومع ذلك، فإن الانخراط الأمريكي، وإن كان في سياقات محددة، يعكس تحولًا في أسلوب التعامل مع حماس، ويشير إلى احتمالية إعادة تشكيل الديناميكيات السياسية في المنطقة. ويبقى السؤال المطروح: هل ستفضي هذه المفاوضات إلى نقطة انعطاف تعيد رسم المشهد السياسي، أم أنها ستظل مجرد جولة جديدة في لعبة الاستنزاف السياسي والعسكري؟