�سقط مركزاً موثوقاً لحوار يفضي إلى نتائج إيجابية ..
عودة المفاوضات الإيرانية الأمريكية في العاصمة مسقط
—————
سلطنة عمان واحدة من أبرز الدول التي لعبت دور الوساطة في العلاقات الدولية أفضت من خلالها تلك المفاوضات إلى نتائج جنبت المنطقة والعالم الكثير مما يمكن ان يكون وبالاً وخاصة في المفاوضات الإيرانية الأمريكية ، وتستضيف سلطنة عُمان ، سلطنة السلام هذه المفاوضات لعدة أسباب تجعل منها الخيار المثالي لهذا الدور ، لعل الموقع الجغرافي المتميز وتاريخها الدبلوماسي وسياساتها المحايدة ودعواتها الدائمة الى الحوار كوسيلة لمعالجة كل الإشكالات بين الدول أهم تلك المزايا .
صدق السلطنة ونزاهتها ورغبتها الدائمة الى احلال السلام يساعد على تسهيل الحوار بين أطراف النزاع ويتيح لهم الوصول إلى بعضهم بشكل أسرع وأسهل ، كم ان تاريخها الدبلوماسي يتمتع بتاريخ نزيه في الوساطة بين مختلف الأطراف ، حيث كانت لها دورات ناجحة في المفاوضات السابقة بين إيران والولايات المتحدة ، على سبيل المثال كانت عمان أحد اللاعبين الرئيسيين في المفاوضات التي أدت إلى الاتفاق النووي الإيراني في عام 2015م والذي كان نقطة تحول في العلاقات بين البلدين .
إن هذه الخبرة الواسعة والمكانة والسمعة الجيدة تعطي عمان ثقلاً كبيرًا كمكان ملائم للمفاوضات الحالية ، وتجعل المتفاوضين يشعرون بالثقة في قدرة السلطنة على التوسط بفاعلية لحياديتها ومنظومتها الدبلوماسية والسياسية الخارجية الخبيرة التي تمكنانها من توفير الاجواء المريحة لتلك المفاوضات وبالتالي تجعل نتائجها اكثر قرباً وجنوحاً الى السلم والحوار البناء .
هذه السياسة ليست مجرد خيار استراتيجي بل تعكس أيضاً التوجه العماني الذي يميز عمان عن الدول الأخرى في المنطقة حيث يساهم في تعزيز صورتها كطرف محايد فالسياسة المحايدة لعمان تجعلها موضع ثقة من كلا الطرفين — إيران والولايات المتحدة - .
تعمل عمان على بناء جسور للتواصل دون التحيز وتمتاز عمان باستقرارها السياسي الداخلي مما يجعلها قادرة على لعب دور الوسيط بفاعلية ، فهناك علاقات جيدة بين مسقط وواشنطن من جهة ومسقط وطهران من جهة أخرى ، هذه العلاقات الاستراتيجية تجعل عمان قادرة على التصرف كوسيط موثوق حيث تتجنب الانحياز لأي طرف على حساب الآخر والاستقرار الداخلي يمنح عمان القدرة على استغلال الفرص للتواصل وبناء الثقة بين الأطراف وتتمتع سلطنة عمان بخبرة دبلوماسية كبيرة ولديها القدرة على التفاوض وقدرة على إدارة الأزمات وسبق أن قادت عمان العديد من المفاوضات الهامة مما يجعلها تمتلك القدرة على إدارة المفاوضات الحساسة وتساعد هذه الخبرة على ضمان السرية والأمان خلال هذه الاجتماعات مما يسهم في تعزيز الثقة بين الأطراف المشاركة .
وتنبع أهمية هذه المفاوضات من كونها تمثل فرصة للتخفيف من التوترات المتصاعدة في المنطقة واستمرار الخلافات بين إيران والولايات المتحدة التي يمكن أن تؤدي إلى مزيد من الاضطرابات في الشرق الأوسط والذي يمكن أن يؤثر على استقرار العالم بأسره في حال عدم الوصول الى التفاهم ، لذلك فإن نجاح المحادثات في مسقط يمكن أن يساهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة .
رغم كل هذه العوامل المشجعة هناك العديد من التحديات التي تواجه المفاوضات فهناك اختلافات جوهرية في الأجندات والسياسات بين إيران والولايات المتحدة وقد تتأثر المفاوضات بالمصالح الإقليمية الأخرى حيث تسعى بعض الدول لتوجيه النزاع لصالحها ، لكن التعاون الفعال بين عمان والطرفين يمكن أن يساهم في تجاوز هذه التحديات.
سلطنة عمان الخيار المثالي لاستمرار استضافة هذه المفاوضات بعد ان توقفت لسنوات عديدة بفضل تاريخها في الوساطة النزيهة وتوفير كل العوامل المساعدة على انهاء تلك المفاوضات بشكل ايجابي ، عدا عن سياساتها المحايدة واستقرارها السياسي، وخبراتها الدبلوماسية ، لذلك فإن هذه المفاوضات في مسقط تمثل فرصة قيمة لتعزيز السلام في المنطقة وعموم العالم .
{علي الحداد}