لا يعمل لا يخطئ، لذا من يعمل لا يخل من الأخطاء،هذه مشكلة حزب كبير كالإصلاح في مرحلة شديدة التعقيد كهذه التي يمر بها الوطن، يمتلك الإصلاح ثلاث حقائب وزارية في حكومة مكونة من ثلاثين وزارة، نصفها لا زالت تحت إدارة نظام صالح و أسرته، فيما بقية الوزارات موزعة على كل القوى السياسية الأخرى،ما يثير شفقتك على البعض،هو أن إغفالهم دور كل القوى المشاركة في الحكومة والتركيز الوحيد و المباشر على حزب الإصلاح، و تقديمه كحزب حاكم يقود كل مؤسسات الدولة و مؤسساتها بما فيها رئاسة الجمهورية المحسوبة على المؤتمر الشعبي العام حتى اللحظة.
تحالف أسرة صالح و جماعة الحوثي وبعض فصائل الحراك المسلح في أدائهم الممنهج بالضد من حزب الإصلاح، وتشويهه إعلامياً، مع أن كل هذه القوى غير سلمية ولا مدنية وكلها مشاريع عنف و دمار يطال عنفها اليمن أرضاً و إنساناً، و حلماً بدولة لم تخلق بعد.
أن يتحول بعد ذلك الإصلاح إلى عدو أو تناقض رئيسي لكل هذه القوى بما فيها تنظيم القاعدة، وحتى شركائه في الحكومة والمشترك، قطعاً لا يعني هذا سوى أن ثمة شيء غير طبيعي يجعل كل تلك القوى تجمع على عداء الإصلاح ، الذي قدم حتى اللحظة تنازلات كبيرة لكل هذه القوى للوصول إلى مرحلة التوافق و انجاح الحوار الوطني،فيما لم يقدم أي طرف من هذه الأطراف أي تنازل على الإطلاق.
ومع هذا أن يصبح الإصلاح عدواً للصالح والحوثي والقاعدة و الحراك المسلح فهذا بحد ذاته شهادة حسن سيرة وسلوك للإصلاح و ليس دليل إدانة، هذا حينما يجتمع لهذا الحلف اللاو طني أطراف إقليمية معروف مسبقاً عدائها و مواقفها بالضد من إرادة اليمنيين و ثورتهم وحلمهم الكبير بالدولة المدنية الديمقراطية.
هذا لا يعني مطلقا أن الإصلاح بابا نويل جاء لتوزيع الحلوى والهدايا فحسب، أو ملاك سماوي طاهر،نزل من السماء بدون أخطاء في ممارساته السياسية، ولكن يعني هذا أن الإصلاح حزب سياسي واجتهاد بشري عرضة للخطأ والصواب، وأن نسبة خطأه السياسي هو الأقل خطاءً من بين كل هذه القوى التي يسكن الخطأ كل تفاصيلها و سلوكها وعناوينها العنفية، فأخطاء الإصلاح سياسية يمكن إصلاحها فيما خصومه غارقون في أخطاء قاتله، ومدمره ليس أقلها العنف والقتل كوسيلة وحيدة لتحقيق أهدافها و مصالحها، ومن هنا يتأتى منطقاً أن يكون الإصلاح تناقضاً رئيسيا لكل هذ القوى شيء طبيعي وإيجابي أيضاً وليس العكس.
الخطأ الكبير والاستراتيجي للإصلاح هي الطريقة التي يتعاطى بها من استحقاقات المرحلة ممثلة بحكومة الوفاق الوطني، تلك الطريقة التي تظهر حرصه على إنجاز المرحلة والوصول إلى ما بعدها ،أنه حريص على بقاء هذه الحكومة، ومن ثم تمسكه بها، فالمنطق يقتضي عدم إكتراثه بها بل يقتضي من الإصلاح المطالبة بتغييرها كونها حكومة فاشلة لم تنجز شيء مما أوكل إليها.
غير هذا لا أحد يزايد على الإصلاح، فالمحاصصه، هي شغل و إشتغال الجميع في الحكومة كل طرف يشتغل لتمكين كوادره وأفراده في مؤسسات الدولة بطريقة بدائية همجية،لا تمت لقيم الدولة و سلوكها بصله،و كل الذين يشتكون ويتباكون من هذه الإشكالية ، كلكم شركاء في تجريف الدولة و قيمها، فقط كان ينبغي على الإصلاح أن يكون أكثر شفافية في خطابه و تواصله مع المجتمع أولاً بأول، باعتبره تحت عين الرقيب و كون كارثته تكمن في غياب الشفافية و الوضوح في الخطاب المرحلي، هذا عدا عن إنقطاعه التام عن الجمهور المعنيين بمعرفة ما يدور أولاً بأول.