وجاءت رسالة هادي الجوابية مطابقة، وبمكرٍ شديد، لرسالة الحوثي..
رسالة الحوثيين كانت قفزة إلى الأمام، رد عليها هادي بقفزة إلى الخلف.
تجاوز الحوثيون في رسالتهم المطالب الثلاثة (إسقاط الجرعة، والحكومة، وتنفيذ مخرجات الحوار)، وكأنهم يقولون: "قاهي الا هي"؛ فوضعوا عريضة مطالب بدت في مجملها رؤية لترتيب وضعهم داخل الدولة والسلطة.
وجاء رد هادي متجاوزا بدوره لمطالب الاحتجاجات الملحة والفورية، وكأنه يقول: "جت منك يابيت الله". فقدم عريضة مطالب بدت بمجملها كرؤية لترتيب وضع الدولة والسلطة في مناطق الحوثيين...!!
خذوها مني كلمة حق مُرّة يا أنصار الله: لقد منحتم هادي وحلفائه الفُسحة التي كانوا يحتاجونها بالضبط للإفلات (أو التخفف على الأقل) من الضغط الهائل الذي كانت تشكله عليهم "مشروعية" ( وأشدد: "مشروعية") المطالب الثلاثة لاحتجاجاتكم.
ولا تقولوا لي ماقلتموه تعليقا على منشوري بالأمس: ان المطالب السبعة هي نفسها المطالب الثلاثة. أو إن المطالب الأربعة المضافة تندرج تحت المطلب الثالث: تنفيذ مخرجات الحوار.
إن مطلبي تغيير الحكومة والتراجع عن الجرعة مطلبان فوريان"، ويمكن البدء بتتفيذهما فور استجابة الحكومة لذلك.
بينما مطلب: تنفيذ المخرجات، يكفي أن تعلن الحكومة استعدادها لذلك وبدء التشاور بين الجميع لوضع خطة زمنية للتنفيذ، تنفيذا شاملا لكل مخرجات الحوار.
في رسالتكم فصّلتم ما الذي تقصدونه بالمخرجات تحديدا: الشراكة في كل أجهزة الدولة.
إضافة لجزئية لا علاقة لها بالمخرجات مباشرةً هو "المشاركة في القرار السياسي". (المشاركة في القرار السياسي طريقها الوحيد بالمناسبة هو الانتخابات، رئاسية وبرلمانية ومحلية، وليت أن بين مطالبكم مطلب السرعة في إجرائها.. أما غير ذلك فإن "المشاركة في القرار" يصبح مطلبا غير مفهوم الا اذا قصدتم تشكيل مجلس رئاسة؟!! أو أن يكون التفسير على النحو الذي فهمته الحكومة في اجتماعها اليوم وهي تستعرض رسالتكم: الزام الرئيس بالعودة اليكم قبل كل قرار يتخذه!!)
وأؤكد: إن كل مطلب في رسالتكم هو مطلب محق، باستثناء حكاية الشراكة في أجهزة الدولة الذي جاء فيما كان المتوقع منكم ان تطالبوا بدلا عنه برفع يد أحزاب المحاصصة عن أجهزة الدولة.
لكن "أحقية" مطالب الرسالة أضر حتى الآن بـ"شرعية" مطالب الاحتجاجات، بل وبشرعية تمثيلها لكل الناس بعموم الوطن، لا مجرد تياركم.
خلاصة نصيحتي: عليكم التخلي عن توسيع المطالب والتشدد فيها، فـ"التوسيع" قوبل بـ"تتويه" كما ترون الآن بعيونكم، في رسالة هادي. وإلا هل كان معقولا أن يرد على مطلب "إسقاط الجرعة" بـ"وقف إطلاق النار في الجوف أولا، وتسليم عمران ثانيا"؟!!
أبداً وكان سيبدو عبيطاً لو فعل.
لا يستطيع شركاء الحكم في صنعاء أن يكونوا على هذا القدر من الفهلوة والاستخفاف بالناس الا حين يمنحهم الناس فرصة لذلك.. خذوها حكمةً من فم مجنونٍ إن أردتم.