هذا السؤال ليس موجها إلى القارئ الكريم الذي ربما يكون قد طرحه عشرات المرات، وهو يستمع إلى قرار لجنة الإغاثة الحكومية المشكلة في المنفى، وهي تعلن عن المناطق المنكوبة في اليمن جراء الحرب الحوفاشية على بعض المناطق اليمنية.
لا أحد يتمنى أن يكون منكوبا لكن عندما تحاصرك النكبة من جميع الجهات وتجد نفسك عاجزاً عن توفير ماء الشرب والغسيل والكهرباء (بما هي إضاءة وتبريد وحفظ المواد الغذائية والدوائية من التلف وأداة لتشغيل الأجهزة المعقدة في المنازل والمستشفيات وغيرها وغيرها) وتعجز عن توفير رغيف الخبز ولو بعشرة أضعاف سعره، وعندما يحاصرك القتلة من جميع الجهات وتقع بين ثلاث محافظات مشتعلة، وعندما تكون سنابك دبابات الغزاة قد خربت الطرقات وهدت المنازل فوق ساكنيها وعندما تمتلئ شوارع مدينتك بالجثث وتعجز عن تجنب استنشاق روائح الجثث المتعفنة كما تعجز عن دفن الموتى وعن إسعاف المصابين وتضميد جراحهم بعد أن أغلقت الطرقات وهدمت المستشفيات ونهبت الصيدليات ومخازن الأدوية، وبعد كل ذلك يقفز المعنيون بالعون فوقك ويتجاهلون معاناتك ويميزون عنك من هو أقل معاناة منك فإنك لن تجد ما تقوله إلا ما قاله الشاعر الأموي:
إن يحسدوني على موتي فوا أسفي حتى على الموت لا أخلو من الحسدِ
لست معنيا بالذين يقولون أن اللجنة فضلت محافظة على أخرى أو اختارت محافظة ليست منكوبة فقط لأن أغلبية أعضاء اللجنة من هذه المحافظة، ولست معنيا بأن تدرج منطقة أقل نكبة من منطقة أخرى، لأنني أؤمن أنه لا يوجد من يفاخر بأن يقال عنه منكوبا، لكنني تعجبت أن أعضاء لجنة الإغاثة لا يعلمون أن هناك محافظة اسمها لحج وأن أهم مناطقها وعاصمتها والعديد من مديرياتها كانت أول نقاط التماس مع غزاة اليوم عندما بدأ الاجتياح من كرش وعقان ومن ناحية طور الباحة، وكان يمكن أن يأتي من ناحية يافع لولا الاستعدادات المسبقة ممن قبل الأهالي التي حالت دون ذلك،والأهم من هذا عندما تعرضت مؤسساتها وبنوكها للنهب من قبل دواعش فخامة الزعيم، وإن عاصمة المحافظة (مدينة الحوطة) منذ ما يقارب الشهر والنصف بدون ماء ولا كهرباء ولا خدمات بلدية من نظافة وصرف صحي، ولا خدمات طبية أو إسعافية، وهي فوق هذا منطقة حرب بكل معاني الكلمة ومدلولاتها الحقيقية والمجازية.
لا أدري ماذا ستجني المحافظات المنكوبة خصوصا ونحن نعلم أن المليشيات تسيطر على جميع الطرقات وتنهب كل ما تلقاه من مواد سواء كانت إغاثية أو تجارية: دوائية أو غذائية أو وقود وغيرها لكن ما ينبغي أن نفهمه هو : ما هي المعايير التي اختارتها لجنة الإغاثة وهي تختار المناطق المنكوبة؟
ما أعرفه أن أي لجنة تكلف بمهمة تضع معايير معينة لتحديد مقومات عملها وعندما يتعلق الأمر بالمناطق المنكوبة فأتوقع أن تكون أهم معايير (الانتكاب) هي: عدم توفر الغذاء عدم توفر الماء، انعدام مصادر الطاقة، عدد القتلى والجرحى ، وحجم الأضرار في المنشآت الخدمية الهامة، حجم الضرر في ممتلكات المواطنين، القدرة على توفير المتطلبات الضرورية للناس من أدوية وأغذية ومياه ووقود وخدمة طبية وإسعافية وغيرها من المعايير المهمة لحياة الناس.
وإذا ما طبقنا هذه المعايير على محافظة لحج وبالذات عاصمتها الحوطة وما جاورها من المديريات، وحتى مديرياتها البعيدة التي تعتمد على العاصمة في توفير محتاجاتها فإن محافظة لحج هي محافظة منكوبة بكل المقاييس سواء كان هذا اللقب يفيدها في شيء أو لا يفيد.
أرجو من اللجنة الإغاثية الموقر أعضاؤها إعادة النظر في قرارها ورد الاعتبار لمحافظة لحج وإعلانها كمنطقة منكوبة وبعد ذلك فليضيفوا ما يشاؤون من المحافظات.
ولكم صادق المودة والاحترام.