الوطنية الواجب اتباعها وماعداها ادعاء!!!.

2015/10/28 الساعة 01:53 صباحاً

بقلم/د.غيداء عبدالقادر المجاهد

كثيرون أولئك الذين يدعون الوطنية والوطنية منهم بمعزل وفوق هذا وذاك يسارعون في توجيه التهم لمن هم وطنيون حقا ويكيلون لهم التهم ويطالبون بمحاكمتهم لا على شيء وانما لانهم يطالبون بالتغيير والاصلاح وبسط نفوذ الدولة وهنا ساذكر لكم مفهوم الوطنية وتعريفها في الشرع والاصطلاح.

تعريف الوطن لغــــة

في اللغة : ـ قال ابن منظور في لسان العرب الوطن 
( المنزل تقيم فيه وهو موطن الإنسان و ومحله يقال أوطن فلان ارض كذا وكذا أ اتخذها محلا ومسكنا يقيم فيه ). 
وقال الزبيدي : ـ الوطن منزل الإقامة من الإنسان ومحله وجمعها أوطان .


تعريف الوطن اصطلاحا
1ـ عرف الجرجاني الوطن في الاصطلاح بقوله ( الوطن الأصلي هو مولد الرجل , والبلد الذي هو فيه .)
2ـ عند الرجوع الى كتب المعاجم والموسوعات , وخاصة السياسية منها نجد انها لاتختلف عن المعنى اللغوي 
آ) ففي المعجم الفلسفي يقول ( الوطن بالمعنى العام منزل الإقامة , والوطن الأصلي : هو المكان الذي ولد فيه الإنسان , او نشأ فيه )
ب) في معجم المصطلحات السياسية الدولية : الوطن هو البلد الذي تسكنه أمة يشعر المرء بارتباطه بها , وانتهائه اليها.

من هذه التعريفات توصل -بعض الباحثين- إلى ان الوطن المراد هنا هو الوطن الخاص , الذي يلد الشخص ولادة ونشأة أو نشأة فقط .
وتعارف الناس عليه في العصر الحاضر بالحصول على الجنسية , او رابطة الجنسية وهو لبنة متماسكة في بناء الوطن العام الذي يحد بالعقيدة الإسلامية ولا يحد بحدود جغرافية. 

المفهوم العام للوطنية

اختلفت تعريفات الوطنية عند الباحثين باختلاف المناهج الفكرية لديهم فمنهم من جعلها عقيدة يوالي عليها ويعادي , ومنهم من جعلها تعبيرا عاطفيا وجدانيا يندرج داخل إطار العقيدة الإسلامية ويتفاعل معها . 
ومن ضمن هذه التعاريف :
1ـ تقديس الوطن بحيث يصير الحب فيه والبغض لأجله ,والقتال في سبيله حتى يطغى على الدين وحتى تحل الرابطة الوطنية محل الرابطة الدينية 

2ـ العاطفة التي تعبر عن ولاء الإنسان لبلده
3ـ انتماء الإنسان إلى دولة معينة يحمل حنينها , ويدين بالولاء لها 
4ـ تعبير عن واجب الإنسان نحو وطنه 
5ـ الوطنية تعبير قومي يعنى حب الشخص , وإخلاصه لوطنه 
6ـ قيام الفرد بحقوق وطنه المشروعة في الإسلام 
والتعريف الأخير يضمن لنا عدم طغيان الوطنية على رابطة الدين 
ومن المفاهيم العامة للوطن المفهوم العاطفي ( حب الوطن ) الذي قال عنه الأصمعي ( سمعت اعرابيا يقول : اذا اردت ان تعرف الرجل فأنظر كيف تحنته إلى أوطانه وتشوقه إلى إخوانه , وبكاؤه على ما مضى من زمانه.

من خلال التعاريف السابقة نقول:

ان هناك وطن خاص ووطن عام . فالوطن العام هو الذي يحد بالعقيدة , وهو كل بلد يذكر فيه أسم الله
كما قال الشاعر : 
وأينما ذكر اسم الله في بلد 
عددت ذاك الحمى من صلب أوطاني 


الوطنية من منظور شرعي

النصوص الشرعية من القرآن 
قال تعالى ( وإذ قال إبراهيم رب أجعل هذا بلد آمنا وأرزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر ) 
وقال سبحانه وتعالى ( وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا وأجنبني وبني أن نعبد ألأصنام ) وهنا حكى الله عن خليله إبراهيم عليه السلام هذا الدعاء بالأمن , والسلام ورغد العيش , لهذا البلد الحرام , ويتضح منه مايفيض به قلب إبراهيم عليه السلام من حب لمستقر عبادته , وموطن أهله . 

النصوص الشرعية من السنة النبوية:
عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال ( كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قدم من سفر فأبصر درجات المدينة أوضع ناقته ــ أي أسرع بها ـ وإذا كانت دابة حركها ) رواه البخاري 
عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما قدم من خيبر , حتى إذا أشرفنا على المدينة نظر إلى أحد فقال ( هذا جبل يحبنا , ونحبه )..
عن أبن عباس -رضي الله عنهما -قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمكة( ما أطيبك من بلد , وما أحبك إلي , ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك )..

كيف تكون الوطنية 

ليست الوطنية ترديد شعارات اوإحتفال باليوم الوطني وإنما هو شعور بالانتماء لهذه الأرض وهذا المجتمع الذي نعيش فيه , وبذل كل ماهو غالي ونفيس للدفاع عن اراضيه وتقديم كل ماهو مفيد لديني ووطني . 
الوطنية تكون بتربية الأبناء تربية صالحة حتى يكونوا أفرادا نافعين لدينهم ووطنهم 
تكون عن طريق المعلم الذي يقف بين تلاميذه يغرس فيهم حب هذا الوطن والاعتزاز به وبتاريخه .
تكون بالمحافظة على ثروات الوطن وذلك بترشيد استهلاك الماء والكهرباء 
تكون حتى بالمحافظة على اثاث المدرسة او المكان الذي تعمل به 
تكون من خلال الإنتاج والعمل بإخلاص وعدم التكاسل عن المهمات المناطة بنا
من خلال المعلمات اللاتي يغرسن حب الوطن في طالباتهن عن طريق الإذاعة المدرسية او من خلال الرسم وفي حصص النشاط بكتابة قصة او أداء مشهد تمثيلي يوضح النعمة التي أنعم الله بها علينا حيث سخر لنا هذه الخيرات في هذا الوطن .
تنمية مبدأ الشكر لله على نعمة الآمن الذي نعيشه وعلى رغد العيش وان عدم الشكر مدعاة لزوال النعم .
فبغير هذه الوطنية لن تصلح الاوطان ولا الاحوال وسنعيش في صراع دائم لاينتهي .