الصبيحة تصرخ : أضاعوني وأي بلد أضاعوا

2015/11/07 الساعة 12:59 صباحاً

لم يخطر ببالي وأنا أتهيأ والزملاء والزميلات لتغطية سير قافلة الهلال الأحمر الإماراتي الى منطقة الصبيحة ، ان بانتظارنا هذا البؤس الإنساني ، لم يخطر ببالنا جميعا ، أن مكان ما في جنوبنا الحبيب  ، يعيش هذه المأساة الإنسانية رغم كل ثروات الجنوب  .

 

الصبيحة : السياج الصحراوي للعاصمة عدن الذي صد جحافل الغزاة مرارا الصبيحة الإطلالة البرية على باب المندب .  الصبيحة المقترنة في اذهاننا بالألق السياسي للجنوب ، بلد اول رئيس للدولة الوليدة الرئيس قحطان الشعبي ، والسياسي فيصل عبد اللطيف وغيره من الرموز السياسية .  

 

بعد ساعات من رحلة مظنية انطلقت صباح الخميس من العاصمة عدن ، وصلنا الصبيحة ، لايهم اسم القرية التي وصلناها اولا ، او التي مررنا بها لاحقا ، او التي اقمنا بها برهة ، او التي تم توزيع المعونات فيها ،  فالمعاناة واحدة ، حتى انه قد خيل إلي لهول ما رأيت، أن رحلتنا كانت عبارة عن سفر عبر الزمن  إلى الماضي السحيق، كما في أفلام الخيال العلمي .  

لاشي هنا يدل على ان المكان يمت بصلة للحياة العصرية ، فالحرمان والبؤس يحاصرنا اينما جال بصرنا : في المأوى الذي يسمى اصطلاحا منزل ، وهو لايعدو كونه كوخ من القصب والقش ، 

 

في المأكل الذي يقتصر على الدقيق دائما، والارز في بعض الاوقات  . في ملامح الناس التي تختزل المأساة ، تستطيع ان تقرأ في وجوههم كل معاني الحرمان والشقاء .

لم استطع حبس دموعي وانا ارى إمرأة بلغت من الكبر عتيا تسكن كوخا ، لم تغادره من اكثر من عشر سنوات لانها مصابة بالشلل. 

 

لم أتمالك دموعي وانا استمع لمعلومة صحية صادمة ، وهي ان حوالي 40 % من السكان يعانون من مرض السل  وآخرون يعانون مرض خبيث. 

 

لم أتمالك دموعي وانا أرى عيني أب وقد أغرقت  بالدموع ، وهو يتحدث بحرقة عن ضياع حلمه بان يكون أولاده اوفر حظا منه في مجال التعليم، ولكن المآسي تتوالى وتورث في هذه البقعة المنسية والأمية كالقدر المحتوم تورث من جيل إلى جيل .

 

إنها الصبيحة يا سادة ، تحكي إهمالنا جميعا، إنها الصبيحة المتشبثة بجنوبيتها ، وبانتمائها الوطني رغم قسوتنا جميعا عليها .

إنها الصبيحة تسندنا ونتركها وحيدة ، تنجدنا ونخذلها . ولولا تشبث اهلها بقيمهم الوطنية والدينية، لكان الاختراق اسهل . 

 

قافلة الهلال الأحمر الإماراتي لإغاثة أهلنا في الصبيحة كشفت لنا كم نحن مقصرين بحق أنفسنا ، كشفت لنا حجم الظلم الذي ارتكبناه بحق أجزاء واسعة من وطننا الحبيب .

 

فهل تعيد لنا رحلة الهلال شيئا من رشدنا الوطني ، هل نعي بعد اليوم ان الأوطان تحمى وتسيج ليس بالبنادق ، ولكن بتنمية الإنسان.

فاين الصبيحة وأخواتها من هذا الامر ؟!!!!

رحلة الهلال الأحمر الإماراتي ، لم تسد فقط حاجة الصبيحيين للمعونات العينية فقط .، ولكنها سدت كذلك حاجة معرفية لدينا معشر الإعلاميين ، وهي ان الأوطان والإنسان تحمى ويحمى بالتنمية وتلبية الحاجيات الأساسية وسبل العيش الكريم .

 

أيها السادة لامجال لإضاعة الوقت اكثر ،فهل نعد خطة مارشال  تنموية  عاحلة للصبيحة وأخواتها ، قبل ان تتكرر مأساة صاحب البيت الشعري المشهور : (( أضاعوني واي فتى أضاعوا * ليوم كريهة وسداد ثغر  )) نعم لسان حال الصبيحة يقول : (( أضاعوني واي بلد أضاعوا * ليوم كريهة وسداد ثغر  )) .

 

الهلال الأحمر الإماراتي قال من خلال رحلة اليوم .: لا لم نضيعك وقدم ماينبغي تقديمة . فماذا عملنا نحن اهل البلد ؟!!!