ما إن أعلنت الحكومة اليمنية في المنفى عن أسماء ممثليها في لقاءات جنيف التشاورية، حتى فوجئ الجميع بخبر أذاعته بعص الصحف والمواقع المؤيدة لجماعة الحوثي مفاده أن ثلاثة من الأعضاء الذين رشحهم الرئيس هادي وحلفاؤه للمشاركة في تلك المشاورات قد قتلوا في قصف لطائرات التحالف الدولي، والثلاثة هم اللواء الأسير محمود الصبيحي وزير الدفاع، والعميد الأسير فيصل رجب قائد أحد الألوية المؤيدة للرئيس هادي، والأستاذ الأسير محمد قحطان القيادي المعروف في التجمع اليمني للإصلاح وأحد أفضل كوادر الإصلاح وأكثرها شعبية ومعهم الوزير السابق والمحافظ السابق، الأسير لدي الحوثيين الأستاذ محمد حسن دماج.
شخصيا لا استبعد صحة خبر مقتل هؤلاء لكن ما لا يمكن تصوره أو تصديقه هو أن هؤلاء قتلوا بضربات لقوات التحالف، ومع ذلك علينا أن نراجع مجموعة من الظواهر السلوكية لجماعة الحوثي وحليفهم صالح قبل الخوض في تصديق أو عدم تصديق هذا الخبر الحوثي وأهم هذه الظواهر :
١. إن الحوثيين منذ إن بدأوا حروبهم مع الدولة في جبال مران حتى اليوم لم يعلنوا عن اسم واحد من قتلاهم في كل المعارك باستثناء خبر مقتل حسين الحوثي الذي أذاعته وسائل إعلام السلطة وصار التستر عليه مستحيل، أما البقية فلم يعرف اسم أي قتيل من قتلاهم ومن لديه اسماء أعلنتها الجماعة عن قتلاها أرجو أن يزودنا بها.
٢. جماعة الحوثي هي الجماعة الوحية في العالم التي تعدم أسراها سواء كانوا معتقلين عن طريق الاختطاف أو أسرى معارك وحروب تقليديين، وما تجربة إعدام حميد القشيبي بعد أسره إلا واحدة من تلك الحالات.
٣. جماعة الحوثي هي الجماعة الوحيدة التي يموت أسراها على أيدي ضربات أعدائها وتجربة الصحفيين من ذمار وزميلهم من إب خير دليل على ذلك، وهو ما يعني أن الجماعة تتخلص من أسراها من خلال وضعهم في الأماكن التي يعتقد أنها مستهدفة من قوات التحالف، وبذلك تتخلص منهم عبر ضربات القوات الدولية وتضرب عصفورين بحجر، التخلص من خصوم سياسيين وتلفيق تهمة اغتيالهم للقوات المعادية لها.
٤. الإعلان عن مقتل اللواء الصبيحي وزملائه عقب قرار تعيينهم ضمن وفد مشاورات جنيف يكشف أن الجماعة كانت واقعة في مأزق حول كيف ترد على طلب الافراج عنهم لتمكينهم من السفر إلى جنيف فلم يكن أمامها إلا اختيار أسهل الطرق والوسائل من خلال تحميل قوات التحالف إعدام هؤلاء القادة.
إن الإعلان عن مقتل الصبيحي وزملائه جاء في توقيت عجيب فإذا صح أنهم قد تعرضوا للقتل فعلا فإن القتل لم يكن له أن يتم إلا على أيدي جماعة المليشيات الحوثية وحليفهم صالح، لكن الجماعة أرادت أن تتخلص من جريمتها من خلال تحميل قوات التحالف وزر هذه الجريمة.
في كل حروب الدنيا يعامل أسرى الحرب معاملة إنسانية تحترم آدميتهم وتحمي حياتهم وتوفر لهم شروط البقاء على قيد الحياة، ويحرم القانون الدولي والشرائع السماوية، بما فيها وفي مقدمتها الشريعة الإسلامية التعرض للأسرى أو تعريض حياتهم للخطر بل ويمنع تعريضهم للإهانة أو لما يحط من كرامتهم وآدميتهم، وفي الحروب المعاصرة يحمى الأسرى وغالبا يتم إدراج قضاياهم ضمن نقاط التفاوض بين المتحاربين بعد انتهاء المعارك، وتعريض الأسرى للخطر أو حتى للإهمال يعد جريمة حرب يعاقب مرتكبوها، أما إعدام الأسرى أو استخدامهم دروع بشرية لحماية المقاتلين أو مستودعات الأسلحة فإنها جريمة مركبة فهي جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية وجريمة أخلاقية مكتملة الأركان والشروط.
ما زلت أراهن على أن تكون التسريبات القائلة بمقتل اللواء الصبيحي وزملائه مجرد ذرائع لعدم تمكينهم من المشاركة في مؤتمر جنيف، أما لو صحت تلك التسريبات فإن ملف جرائم تحالف الحوافش سيكون قد ازداد تضخما واتساعا وملفهم الأخلاقي يكون قد ازداد انهيارا وهبوطا.
* *
اليوم توالت الأخبار الفاجعة من ساحات العدوان والمواجهة إذ علمت أن الجريح الإعلامي حسين قاسم ثابت الشطيري قد تم بتر يده بعد أن أُصيب في جبهة بير أحمد، كما بلغنا نبأ بتر رجل المناضل والمقاوم محمد حسين الناخبي، ولم تمر ساعات حتى بلغني خبر بتر رجل المناضل صالح البابكري، وربما هناك عشرات الشهداء والجرحى ممن لم نعلم عنهم.
وكان آخر هذه الفجائع بنأ مقتل الأخ محمد حسين عشال عضو مجلس الشورى الذي قضى عند قصف الحوثيين لمنزله الذي كان بداخله،
إنني هنا أتقدم بصادق مشاعر التضامن مع جميع الجرحى وكل أسر الشهداء الذين اغتالتهم أيادي العدوان الحوفاشي، وأخص هنا الزميل علي حسين عثمان عشال وأسرة الشهيد محمد عشال وكل آل عشال، سائلين الله للشهيد عشال ولكل شهداء المقاومة الرحمة والمغفرة ولكل أهلهم وذويهم الصبر والسلوان ولكل الجرحى والمعوقين الشفاء العاجل