في الساعات الأولى من فجر الخميس بدأت الهدنة التي أُعلِنَت عنها بين الجيش الوطني ودول التحالف من جهة والمليشيا الإنقلابية من جهة أخرى والتي ستستمر 72 ساعة .
والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان ما الجدوى من إعلان الهدنة طالما وأن المليشيا الإنقلابية إعتادت على خرقها منذُ الساعات الأولى من إنطلاقتها وتسابق الزمن لترتيب أوراقها وإستعادة ما إستطاعت من مواقع عسكرية خسرتها منذُ وقتِِ سابق وكأن إعلان الهدنة الغرض منه ينصب في مصلحة الإنقلابيين وليس لإيصال المساعدات للمناطق المنكوبة وخصوصاً أن ال 72 ساعة ليست بالوقت الكافي لتصل المساعدات إلى مناطق شاسعة مترامية الأطراف، إنما السؤال الأهم: هل كان الغرض من الهدنة هو جعل طرف المليشيا الإنقلابية بعد إستعادة بعض المواقع في حالة تكافؤ مع الحكومة الشرعية لإطالة أمد الأزمة؟ وهل الحكومة الشرعية ودول التحالف لاتدركان تلك النظرية أو إنهما يغضان الطرف لحاجة في نفس يعقوب قضاها؟ .
هناك أسرار خطيرة تكمن خلف كواليس الأزمة اليمنية لاسيما بأن هناك أحداث وقعت قبل إعلان الهدنة بفترة وجيزة وأولها كان ذلك الهجوم الصاروخي على مجلس عزاء آل الرويشان والذي خَلَّف الكثير من القتلى والجرحى والذي نفت دول التحالف قيامها بذلك الهجوم الصاروخي قبل أن تعلن عن مسؤوليتها مع تبريرها بوجود خطأ فادح أُرتُكِب من قبل جهة لم ًتُسَمِّها، والحدث الآخر هو عودة وفد المليشيا الإنقلابية بعد إصرار لدول التحالف أن يظل عالقاً في سلطنة عمان بطريقة مثيرة للشك، ثم تجرؤ المليشيا الإنقلابية على ضرب البارجتين الأمريكيتين الواحدة تلو الأخرى .
نحن على يقين بأن الجيش الوطني ومن خلفه دول التحالف هو الأقوى على الأرض لذلك من البديهي أن يكون الطرف الأضعف من مصلحته إعلان الهدنة ووقف إطلاق النار لإستعادة الأنفاس فقط وليس من مصلحته خرقها ولكن في الحالة اليمنية الغريبة الأطوار نجد الطرف الأضعف هو من يخترق الهدنة ويستمر في إطلاق النار وإرسال الصواريخ على مأرب وعلى المواقع الحدودية دون إكتراث للعقوبات التي قد تطوله من مجلس الأمن الدولي وضارباً كل الأعراف والمواثيق الدولية عرض الحائط، بالمقابل نرى الطرف الأقوى خائفاً مترقباً في وضعية الشاكي الباكي الذي إنزوى وتقوقع في مكانه لا يقوى إلا على حصر عدد ومكامن الخروقات الذي يقوم بها الطرف الأضعف.. أليس هذا ما يريده المُخرِج؟ .
خلاصة القول أود أن أقول ولِعَلَّي أكون قد شطحت بعيداً أو ربما أكون قد أصبت كبد الحقيقة في قولي بأن هناك تبادل أدوار حسب ماهو مكتوب في نص المسرحية التي نشاهدها والتي تحمل إسم [ حكم القوي على الضعيف ] والتي يقوم بإخراجها مسرحياً الولايات المتحدة الأمريكية وتلفزيونياً روسيا الإتحادية، فنحن ندرك تماماً يا سادة يا كرام بأن حجم القوة العسكرية التي تملكها دول التحالف مجتمعة والقوة التنفيذية الضاربة على الأرض الذي يملكها الجيش الوطني مسنوداً بالمقاومة الشعبية تمثل ما مقداره 80% مقارنة مع أقزام المليشيا الإنقلابية فبالتالي تستطيع أن تحسم المعركة عسكرياً خلال فترة وجيزة جداً ولكن أحداث المسرحية لايوجد بها حسم عسكري إنما في تقديري ستكون النهاية هي الحل السلمي ومن ثم سيُعلَن عن إسدال الستار .
في المقابلة التي بثتها قناة الجزيرة مع فخامة رئيس الجمهورية لفتت إنتباهي عبارة قالها فخامته وهي: أخبرني الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن روسيا وأمريكا مختلفين في كثير من القضايا ولكن في القضية اليمنية فهما متفقتان، وهذا الإتفاق قد يدعم نظرية بأن هناك مسرحية قائمة وسوريا واليمن هما بطلتان رئيسيتان، ويعني ذلك بأن حل الأزمة اليمنية مرهون بحل الأزمة السورية وستكون هناك تسوية في كلا البلدين قد ربما لا ترضي شعبيهما بقدر ماترضي تلك الدولتين العظميين، لذلك كُتِب على العرب والمسلمين بتشرذمهم وخلافاتهم الدائمة أن يكونوا قطع شطرنج لا تتحرك بمفردها، ونحن الآن بدورنا أن نلتزم الصمت ونشغل أنفسنا بمتابعة أحداث المسرحية التي قد تطول حتى يُعلَن عن إسدال الستار .
علي هيثم الميسري