لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها.. هذا المثل هو حال أحد الأصدقاء الحمقى الذي أرسل لي رسالة ليلة البارحة يقول لي فيها: خلاص إنتهت الأمور وعرف الناس.. الوضع يبشر بخير على الجنوب بعد تشكيل الحكومة في صنعاء..بكرة مجلس الشعب سيعترف بها وفي اليوم الثاني سيخرج شعب صنعاء يؤيدهم وقد تعترف بعض الدول المؤيدة لهم أو تتعامس.. المهم معانا حكومة في عدن والسلام ختام .
أضحكتني كثيراً رسالة صديقي ومابها من مفارقات عجيبة والتي تدل على حماقته مع العلم بأن هناك الكثير من المثقفين أمثاله لاسيما الجنوبيين يفكرون بنفس تفكيره ولا هم لهم إلا الإنفصال للجنوب الذي أراه بعيد المنال بل من رابع المستحيلات لذلك نستطيع أن نطلق عليهم المثقفين الحمقى .
صديقي هداه الله إختزل الأزمة في صنعاء وعدن بقوله: حكومة في صنعاء وحكومة في عدن وبقوله أيضاً أن شعب صنعاء سينزل للشارع ليؤيدهم، متناسياً بأن أنهار من الدماء سُفِكَت ليس في صنعاء.. تناسى بأن عشرات الآلاف من الأرواح زُهِقَت ليس في صنعاء.. تناسى بأن الكثير من الأسر شُرِّدَت من منازلها بسبب القصف الأرعن ليس في صنعاء .
يعتقد صديقي بأن الشمال هو صنعاء والجنوب هي عدن، وماذا عن الوزراء الجنوبيين في حكومة صنعاء والوزراء الشماليين في حكومة عدن؟ .. ويبدو أن صديقي تغاضى بأن تعز هي من تقاتل الآن عن مشروع اليمن الإتحادي وهي أكثر المحافظات تضرراً، فهل بعد كل تلك المآسي التي أصابت أبناء تعز سيُنَفِّض أبطالها الغبار الذي طالهم وسيداوون جروحهم التي أصابتهم وسيعودون لمنازلهم وسيهنئون بعضهم بعضا بعودتهم إلى بيت الطاعة؟ .
وهل سيقبل أبناء حضرموت بعودتهم إلى ما قبل الوحدة؟ ونحن نعلم بأن غالبيتهم مبتغاهم دولة حضرمية أو إقليم في ظل دولة إتحادية .
وماذا عن إقليم تهامة أيها الحمقى؟ هل دمعت أعينكم عندما تروهم يتضورون جوعاً؟ ألا تروهم ينافسون بعض الدول الأفريقية على إحتلال المرتبة الأولى في المجاعة؟ وكيف ترون إخوتنا في مأرب التاريخ والتي كانت ولا تزال هي الرافد للطاقة والمشتقات النفطية في المحافظات الشمالية وهم محرومون من التمتع بثروات أرضهم ومن العيش الكريم ومن إقامة المشاريع التنموية لهم؟ .
أليس لنا إخوة في المحافظات الشمالية جعل منهم نظام صنعاء الديكتاتوري يعيشون في العصر الجاهلي الذي كان يُمارَس فية تجارة الرقيق؟ ألم تفكرون كيف لدولة جنوبية أن تستقر وعاصمتها يُمارس فيها التهميش والإقصاء والعنصرية والسلب والنهب والبسط على الأراضي من قِبَل مسؤوليها العنصريين والمناطقيين؟ .
لا يعلم أولئك الحمقى بأن دول التحالف كان دخولها الحرب في اليمن ليس لأجل فصل الجنوب عن الشمال بل كان من ضمن أهدافها هو الحفاظ على وحدة وإستقرار اليمن، فالإنفصال سيخلُق حالة من الفوضى في المنطقة بسبب الإقتتال الذي سيحدث في الشمال والجنوب .
لا يعلم صديقي ومن على شاكلته ومن يفكر بتفكيره ومن يتحلى بأنانيته بأن فخامة الرئيس أبو المظلومين عبدربه منصور هادي جاء بمشروع يمن إتحادي من ستة أقاليم بعد أن عرض مشاكل اليمن عن بكرة أبيه لخبراء دوليين لإيجاد حل أمثل لكل تلك المشاكل، فبعد دراسات مستفيضة أشاروا إليه بأن الحل النموذجي سيكون بتحويل اليمن من دولة مركزية إلى دولة إتحادية من عدة أقاليم وأشاروا إلى بعض النماذج لدول إتحادية ناجحة، فلن يكون الحل في الإنفصال ولن يكون بإستمرارية الوحدة كما كان في السابق .
وأخيراً أقول لكل من يحلم بإنفصال الجنوب أو كما يسمونه الجنوب العربي أو على تسمية آخرين إستعادة الدولة أو كما يقول البعض تقرير المصير(مسمياتهم كثيرة) نحن لدينا مشروع واحد تحت مسمى واحد وهو اليمن الإتحادي يكفل لكل مواطن يمني العيش الكريم والمواطنة المتساوية وتوزيع الثروات بالإضافة إلى الكثير من المزايا التي حُرِمَ منها في عهد وحدة علي عبدالله سارق وعلي سارق البيض.. فمن كان لديه مشاريع صغيرة خاصة فليذهب بعيداً عنا ولا يعرقل مسيرتنا فنحن الغلبة سنسير خلف خُطى فخامة الرئيس الوالد عبدربه منصور هادي الذي يمتلك المشروع الكبير ذو الستة أقاليم والمسمى باليمن الإتحادي والذي إرتضاه أغلبية الشعب اليمني .
علي هيثم الميسري