{ محافظة عدن قطعوا أوصالها وتقاسموها فيما بينهم }
بعد أن وضعت الحرب أوزارها في العام 1986م وإنسحب أحد طرفي النزاع، فغادر العاصمة عدن من سنحت له الفرصة وبقي المتعثرون في منازلهم يترقبون المجهول .
تفاجأنا بعد أيام بإطلالة بغيظة لوجوه تشمئز منها الأبدان من خارج العاصمة عدن يقتحمون المنازل في ساعات متأخرة من الليل حيناً وحيناً آخر في وضح النهار منتهكين حرماتها كاشفين عورات النساء في غياب أربابها أو بحظورهم، فأخذوا الكثير من كانوا محسوبين على الطرف المنسحب المسمى حينها بالزمرة على مرأى ومسمع من زوجاتهم وأطفالهم وآبائهم وأمهاتهم، فلم يردعهم صرخات النساء والأطفال وتوسلاتهم.. وذهبوا بهم قسراً إلى جهات مجهولة ولم يعودوا إلى يومنا هذا ولن يعودوا.. لقد أرسلوهم إلى حياة أخرى تسمى حياة البرزخ، وبعد فترة من الزمن سمعنا بأن أولئك الزنادقة ذو الوجوه التي تشمئز منها الأبدان أُطلِقَ عليهم ثوار 26 يناير .
في العام 2016م أعاد التاريخ نفسه بظهور أبناء أولئك الزنادقة ذو الوجوه المشمئزة المُدَّعون بثوار 26 يناير ليمارسوا نفس الأعمال القمعية والتعسفية والإخفاء القسري ولكن هذه المرة بحق أبناء عدن الذين ذادوا عن مدينتهم بكل ما أوتوا من إمكانيات متواضعة أمام تلك الترسانة من الأسلحة الثقيلة التي يمتلكها عدوهم المليشيات الحوثية والعفاشية، وكان جزائهم بعد أن هزموا عدوهم شر هزيمة من قِبَل الزنادقة أبناء ثوار 26 يناير الإعتقالات التعسفية وزجهم في غياهب السجون أو إخفائهم قسراً .
إنتفض أهالي المختفين قسراً للبحث عنهم فذهبوا لإدارة أمن عدن وقيادة الحزام الأمني بصفتهما الجهتين اللتين تحوم حولهما الشبهات في إختفاء المفقودين، ولكن للأسف أوصِدَت في وجوههم كل الأبواب، فمدير أمن عدن خارج الجاهزية دوماً إلا من بعض السويعات التي يكون فيها لسانه طَلِقَاً فيكون رده غليظاً وعنجهياً: لا أعلم، أما الحزام الأمني فثقوبه عديدة وبالتالي تكون الردود متعددة لا تقنع السائل .
عندما وجد أولئك المكلومون بغياب مفقوديهم كل تلك المتاهات التي صنعتها لهم إدارتي أمن عدن والحزام الأمني لم يجدوا بُدَّا إلا أن يقفوا وقفة إحتجاجية أمام قصر المعاشيق لعلهم يجدوا مبتغاهم لدى فخامة الرئيس الوالد عبدربه منصور هادي بإصدار أوامره بإطلاق سراح المعتقلين في غياهب السجون السرية أو الإشارة لأماكن تواجدهم، ومن كان متهماً بأي قضية فليحاكم محاكمة عادلة وإثبات التهمة عليه أو تبرئته، ومن كان بريئاً يُطلَق سراحه وتعويضه .
وفي الأخير وليس بآخر أسأل الله تعالى أن يكون بعون أبناء عدن ويرفع عنهم الظلم المتنوع، فهم والله من يكتوون بنار الصراعات السياسية المتكررة التي يصنعها ساسة بعض المناطق الذين جعلوا المحافظة عدن مستنفع صراعات لتصفية حساباتهم لاسيما أولئك الدخلاء على أرض الجنوب الذين عاثوا فساداً في هذه المحافظة المسالمة والمكلومة وقطعوا أوصالها وتقاسموها فيما بينهم .
علي هيثم الميسري