في الحديدة تسلل الطفل إلى ثلاجة البوفية ونام دون علم أبيه!
تمنى لو أنه يموت هنا وسط هذه الجنة الباردة! يكفي أن إخوانه يعانون سكرات الموت بلا كهرباء في المنزل تحت درجة حرارة تجاوزت 45 درجة!
حين استلقى بجسده الناحل الصغير بين معلبات العصائر غرق في نومٍ لذيذ
في ثلاجة العصائر سقطت قارورة الماء على رأسه ولم يُحسّ بها! ..كان غارقا في نومه وفي أحلامه! كان يحلم ببلادٍ بعيدة ..بمدينةٍ لا يحكمها انقلابيون مغبّرون قساة كأنهم قدموا من كوكبٍ آخر
كان الطفل الغارق في نومه يحلم بحديقةٍ خضراء .. بمَدْرسةٍ نظيفةٍ بيضاء ..بلعبة أطفال ملونة!
كان غارقًا في أحلامه حين أيقظته أصواتٌ مزعجة وسط البوفية الفارغة من أيّة سلعة سوى طبق بيض وعلبة جام فراولة يونانية منتهية!
أرهف الطفل سمْعه مرعوبا..كانت أصوات الحوثيين! ..يريدون الضرائب مهدّدين أباه ومتوعدين!
تكوّر الطفل على نفسه مثل كرة مهترئة ممزقة وهو يسمع أباه يقسم لهم أنه دفع الضرائب قبل أسبوعٍ واحدٍ فقط!
أعطاهم الاب سند الدفع ولم يقتنعوا!
قالوا له لا نعرف لمن دفعت!
أقسم لهم مرّةً اخرى وهو يغتسل بعَرَقِه وخوفه أنه لا يكاد يبيع شيئا ..وأنه حتى لم يسدّد إيجار البوفية منذ أشهر!
أقسم لهم أن أولاده الخمسة يعانون سكرات الموت بلا كهرباء تحت هجير حرارة تجاوزت 45 درجة!
أقسم لهم وأقسم بلا جدوى!
الحديدة تموت أيها الجُباةُ البُغاة
على الأقل أنجزوا كهرباء الحديدة أيها العاجزون الفاشلون!..
الحديدة تموت حقيقةً لا مجازًا يا فئران العمائر وثعالب الوظائف