الحكومة والحاضنة الشعبية

2021/01/11 الساعة 10:10 مساءً

 

العيب الذي لازال يرافق مسيرة حياتنا , اننا نلوم المؤسسات والحكومة , ونطالبها بعملية اصلاح نتائج حرب لازالت تداعياتها قائمة , والمكونات التي تخلقت في واقع هذه الحرب جاثمة على صدورنا , نطالبها بأن تمتشق عصاها السحرية وتلبي ما تصبوا لها نفوسنا , من صرف الرواتب والعلاوات وتحسينه ليواكب غلاء المعيشة  وتحسين المستوى السياسي والاقتصادي  , ونتفنن في إقامة الاحتجاجات والاضرابات العمالية , ونقارن وضعنا بوضع الدول المحترمة التي تحترم حقوق الانسان وكرامته , ولديها شعب محترم في مواقفه وانضباطه للدستور والقوانين , شعب إيجابي في واجباته , وبالتالي يحصل على كل حقوقه , ونحن شعب سلبي , السلبية هي المحصلة النهاية لكل تصرفاتنا ومطالباتنا واضراباتنا , واجباتنا لا نعيرها أي اهتمام , لم نقدم يد العون والمساعدة للسلطات , الا في حدود الولاء للأفراد والتوجهات السياسية والايدلوجية , لا نقدم أي حماية شعبية وجماهيرية لكل مهني وقضية تخص العام اذا ما اضرت بولائنا الخاص , لم نساهم في توفير الدعم الشعبي لانتشالنا من واقع  الحرب أولا , وضبط المكونات التي تخلقت في هذا الواقع دستوريا , بنظم والقوانين القائمة , دعم كل الإجراءات التي تتخذها الحكومة و وزرائها , بما يتيح لها الحركة والتحرك لإنجاز ما يمكن إنجازه , و ضبط تحصيل إيرادات الدولة والمال العام  , في مواجهه مع تكتلات ومواقف مخزية بالولاء  للأفراد والجماعات مناطقيا وايدلوجيا .....

أمام الحكومة مهام جسيمة , ومسؤولية كبيرة , وتركة ثقيلة , لا نعفيها ولا نبرر لها , لكن نريد تهيئة البيئة السليمة لعملها , وتوفير مقومات النجاح , ونتخلص من مقومات الفشل في شعب منقسم الولاء , واختلاف الاهداف الاستراتيجية , وتعدد القوات المسلحة والأمنية , ومطلوب من الحكومة ان ترضي كل هذا الانقسام , وهي مكبلة بشروط ذلك الانقسام , وغير قادرة على رفع تلك التركة من على كاهل المواطن , لان أي حركة قد تثير حفيظة طرف سياسي بقواته المسلحة , ويعتبرها استفزاز , وينفجر موقف يعيدنا لنقطة الصفر .

ماذا تنتظر من وزير ان ينجز عمل وهو محصور في زاوية ضيقة من الحركة , ولا يمتلك حق القرار والرقابة والمحاسبة , يتحرك بمدرعة عسكرية للوزارة , ويجلس في مكتبه تحت حراسة مشددة , حديثه محسوب بدقة المفردات , لقاءاته مراقبة بشدة , يمكن ان يتعرض لهجمات سخيفة من ادنى موظف أو مواطن .

عيبنا اننا نطالب ونلوم , بل بعضنا بمستوى متردي يشتم ويتهم ويسوق للإشاعات والاكاذيب , وما شاء لدينا في اعلامنا متحيزين مستعدون لتقديم الدعم لمعركة اثارة النعرات والنزعات , يشعلل الأمور بمقدار التمويل , مع تعطيل دور القضاء والنيابة , مع احترامنا وتقديرنا لكل الشرفاء وهم كثر ومواقفهم الثابتة مع الحق .

عيبنا صار له مؤسسات ومنظمات جماهيرية ونقابات , تتحرك بأمر السياسي المعطل , وهو يمارس الضغط لفرض إملاءات على الحكومة والسلطة المحلية والمركزية , اذا ما وجد ان إجراءات قد تمس مصالحه , العيب فينا فلا نلوم غيرنا , لا ننظر لعيوب انفسنا ونتذمر من الأوضاع , ولا نفكر ونسأل عن دورنا في الأوضاع التي نعيشها , لأننا منشغلون في الولاء , ونتكتل ضد مصالحنا  مع مصالح المعطلين , متشائمون من وطن وحكومة تأتي وتذهب وتأتي غيرها , ولا نملك غير توجيه اللعنات والاتهامات , ونفتقد للمشاركة الإيجابية في تصحيح الأوضاع , ودعم السلطات .

من جد وجد ومن زرع حصد , لن يكون وطن معافاة بنفوس مريضة , غير قادرة على أن تسامح وتصالح , وتتغير وفق متغيرات الاتفاقات والتحالفات , لنكون حاضنة شعبية داعما رئيسيا لقرارات مصيرية كاتفاق الرياض وغيره من الاتفاقات التي تساهم في إنهاء الحرب , وتطبيع الحياة وإصلاح مايمكن إصلاحه , ليتعافى وطن وتتعافى حياتنا , ونحصد جهود هذا التعافي في حياتنا على المستوى السياسي والاقتصادي  , في دولة محترمة وشعب يحترم من أمم المعمورة .