د .غزوان طربوش
في واقعة مروعة تهز الضمير الإنساني، تعرضت الطالبة القاصر مصباح الجابري للاغتصاب على يد احد اقارب مدير مدرستها، عبدالملك عبدغانم عثمان الجابري في مدرسة ٢٢مايو ايفوع بني جابر محافظة تعز المواسط . استغل الجاني ضعف الفتاة وظروفها المعيشية الصعبة في اليمن، ليقوم بابتزازها وتهديدها بالقتل إن كشفت عن جريمته. استمرت معاناتها أربع سنوات، حيث مارس معها حياة زوجية خارج إطار القانون، متذرعاً بوعد زواج ووظيفة.
لم تتوقف الجريمة عند هذا الحد، بل تورط فيها شخصيات نافذة، منها الشيخ فضل علي عبدالوهاب الخامري وعضو النيابة يوسف المغلس، اللذان تلاعبوا بالقضية وحموا الجاني. بل وصل الأمر إلى تسجيل القضية ضد مجهول، في محاولة لتضليل العدالة وإفلات الجناة من العقاب.
الآن، وبعد سنوات من المعاناة، يتم الضغط على إخوة الطالبة لإطلاق سراحها بدون حكم، في محاولة لإسكات صوتها وحماية الجناة. هذه الجريمة البشعة تكشف عن فساد متأصل في النظام القضائي، وتثير تساؤلات حول دور الدولة في حماية حقوق الإنسان وكرامة المواطن
تتعرض الطالبة القاصر مصباح الجابري وأسرتها لمحنة مروعة، حيث تعرضت للاعتداء الجنسي داخل أسوار مدرستها على يد احد اقارب مديرالمدرسة . ورغم ثبوت هذه الجريمة، إلا أن العائلة تواجه حملة تشويه ممنهجة تستهدف تكميم أفواههم وإسكات صوتهم.
رغم التهديدات والضغوط، أصرت العائلة على فضح هذه الجريمة البشعة، مدفوعةً برغبة ملحة في تحقيق العدالة وإنصاف ابنتهم. إنهم يمثلون رمزاً للصمود في وجه الظلم، ويستحقون كل الدعم والتضامن.
لقد تحولت مدرسة كانت من المفترض أن تكون ملاذاً آمناً للطلاب، إلى مكان يمارس فيه الاعتداء الجنسي. هذا الأمر يمثل خيانة للأمانة الملقاة على عاتق الإدارة التربوية، ويستدعي محاسبة جميع المتورطين في هذه الجريمة الشنعاء. إن قضية الفتاة مصباح احد الأمثلة
لغياب أسس الدولة المدنية في اليمن و الآثار السلبية للحكم الانتهازي وعدم وجود رؤية وطنية واضحة. منذ عقود طويلة، تعاقب على حكم اليمن قادة استغلوا السلطة لتحقيق مصالحهم الشخصية، دون اهتمام حقيقي لمصلحة الشعب أو بناء دولة مؤسساتية قوية. هذه الانتهازية، بدلاً من تعزيز الوحدة الوطنية والعدالة، ساهمت في تدمير كيان الدولة وتفكيك النظم والقوانين التي من المفترض أن تنظّم حياة المواطنين.
ظهر غياب الدولة المدنية بوضوح من خلال تدهور الثقة في المؤسسات الحكومية. بدلاً من أن تكون الدولة راعية لحقوق مواطنيها ومزودة بالخدمات الأساسية، أصبحت عاجزة عن تقديم أي ضمانات حقيقية. هذا الانهيار المؤسسي أدى إلى ظهور جماعات مسلحة تستغل ضعف الدولة لتحقيق أهدافها، مما زاد من وتيرة أعمال العنف والنهب والهجمات المسلحة. الوضع الأمني في اليمن بات يشكل أحد أبرز التحديات التي تواجه البلاد، ويعكس مدى تدهور الأمن واستفحال الفوضى.
الانهيار التدريجي للهياكل المجتمعية والأمنية في اليمن يعكس فشل السلطة المركزية في فرض النظام والاستقرار. تعاني العديد من المناطق من انعدام الأمان، حيث تنتشر الصراعات المسلحة بين الجماعات المختلفة، مما يؤدي إلى تزايد الهجمات والنهب. هذه الفوضى تعمق معاناة المواطنين وتزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية، مما يعكس فشل الدولة في أداء وظائفها الأساسية
. في سياق الفشل السياسي والأمني، يبرز دور "ملشنة" الجيش اليمني كمؤشر آخر على انهيار الدولة المدنية. الجيش، الذي كان من المفترض أن يكون مؤسسة وطنية تهدف إلى حماية الشعب والدفاع عن الوطن، تحول إلى أداة بيد قوى خارجية . هذه الأطراف استغلت الوضع القائم لتعزيز مصالحها الخاصة، مما أعاد اليمن إلى الوراء ودمر حلم الجمهورية الذي نادى به الشعب منذ ثورة 26 سبتمبر.
نناشد كافة الجهات المعنية، وعلى رأسها الأجهزة الأمنية والقضاء، بالتدخل العاجل لإنقاذ الطالبة وأسرتها من هذه المحنة، وضمان حصولها على حقوقها كاملة. كما ندعو المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية إلى التعبير عن تضامنهم مع هذه القضية، والضغط على الجهات المسؤولة لتحقيق العدالة.
إن قضية الطالبة مصباح ليست قضية فردية، بل هي قضية مجتمع بأكمله. فكل فتاة في بلدنا معرضة لمثل هذه الأخطار، ما لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة لمعالجة هذه الظاهرة الخطيرة
نحن، كمواطنين نؤمن بدور القانون في تحقيق العدل والمساواة، نشعر بالقلق البالغ من تحوله إلى أداة للظلم والفساد. لقد فقدنا الثقة في قدرة المجلس المحلي على حماية حقوقنا، وضمان تطبيق القانون على الجميع دون استثناء. لذلك، فإننا نناشد الدولة بالتدخل العاجل لوقف هذا التعدي على القانون، وضمان سير العدالة في مسارها الصحيح على تحقيق العدالة المنشودة، وإعادة الثقة إلى قلوب المواطنين