اكبر المعضلات التي يواجهها الحراك الجنوبي اليوم هي انه لم يستطع بعد سبع سنوات من الفعل الميداني النشط ان ينتقل من العشوائية الى المؤسسية ومن الفوضى الى العمل المنظم .
ورغم ان جل قادة الحراك ورموزه كانوا الى وقت قريب قادة ورموز دولة بكل ماتعني كلمة الدولة من منظومة مؤسسات مدنية حديثة قائمة على الادارة الناجحة الا انهم أثبتوا فشلا ذريعا حتى في ان يصلوا الى مستوى ما وصلت اليه جماعة الحوثي القبلية من حسن التنظيم والادارة وفن العمل السياسي.
بفعل هذا العبث ونتيجة لهذه الحالة من العشوائية بات الجنوبيون في حال من التوهان وغير قادرين على استشراف مستقبلهم او فهمه كما وقفوا عاجزين عن قراءة الموقف المحيط بقضيتهم العادلة، ومصير نضالات وتضحيات البسطاء من المؤمنين بهذه القضية ايمانا صادقا غير مرتبط بمصالح أو حسابات ذاتية وانانية.
ومن بين ركام الفوضى والعشوائية، اصبحنا نشهد من يتحدث وكانه هو الناطق باسم الجنوب واسم الحراك ،فيما يبرز آخر ليقرر باسم الجميع ، يخون ويوزع صكوك الوطنية ،ويتعامل مع القضايا التي تتطلب حكمة ودهاء سياسي بمنطق الحماس غير الواعي و غير المدرك بان ما يصدر عنه ليس سوى من باب الحماقة التي تضر بصاحبها.
حدثني عبدالرحيم صابر مستشار السيد جمال بن عمر عن مشاهد صدمته في عدن حينما قابل عدد من الناشطات اللواتي قلن له انهن من الحراك الجنوبي وكيف انهن كن يتحدثن عن القضية الجنوبية بفوضوية خلفت لديه انطباعا سيئا، وقال: قلت لهن انا على استعداد لان انفرد معكن في غرفة مجاورة اسمع منكن واوضح لكن بعض الامور لكنهن قلن لي ،لن نخرج من هذه القاعة مهمتنا فقط تعطيل هذه الفاعلية.. واستطرد صابر ان سألتني مثل هذه التصرفات هل تخدم القضية الجنوبية.. سأجيبك اطلاقا لا لكنها تضرها كثيرا.
قلت لصابر ما تقييمكم للوضع في الجنوب. .قال: نحن نتابع الاوضاع بشكل جيد وقد وصلنا الى قناعة الى ان كل تلك الملايين التي تخرج الى الشارع منذ سنوات لم تستطع ان تفرز قيادة من بين صفوفها قادرة على خدمة هذه القضية.
اذا لم يستطع الحراك ان يوحد قيادته وان يرتقي بخطابه السياسي ،وان يحدد مصدرا خاصا مهمته القيام التعامل مع وسائل الاعلام والتعليق على مختلف القضايا، فانه لن يجني سوى مزيدا من التفكك وغياب فهم العالم لقضية شعبنا ،وتقدير حجم تضحياته.
وان لم يسارع قادة حراك الخارج ممن احاطوا انفسهم ببطانات سوء اسهمت في عزلهم واضعاف دورهم الى توحيد صفوفهم وخطابهم السياسي والاعلامي، فان على حراك الداخل ان يتخذ القرار وان يعمل على انتاج قيادة من بين صفوفه تنهض بمهمة توحيد الحراك ورص صفوفه وضبط ايقاع خطابه ..مالم فانه من المؤسف القول ان استمرار الحال على ماهو عليه ليس سوى اهدار للوقت واستنفاد للطاقات وسير نحو المجهول غير واضح المعالم