تستعد العاصمة الأوكرانية كييفلمواجهة حصار من قِبل القوات الروسية التي تحاول تطويق المدينة، فيما توعَّد الرئيس فولوديمير زيلينسكي موسكو بالقتال حتى الموت، للدفاع عن المدينة، في وقت يشتد فيه الخناق على مدينة ماريوبول المُحاصَرة من قبل القوات الروسية.
وكالة الأنباء الفرنسيةنقلت الأحد، 13 مارس/آذار 2022، عن مصادر أوكرانية -لم تذكر اسمها- قولها إن العاصمة كييف باتت مُحاصرة بشكل متزايد بالجنود الروس، الذين دمروا مطار فاسيلكيف، السبت 12 مارس/آذار 2022.
يأتي هذا بينما أصبحت الطرقات المؤدية إلى الجنوب من كييف، الوحيدة المفتوحة، وقالت هيئة أركان الجيش الأوكراني إن القوات الروسية الموجودة بضواحي العاصمة تحاول تحييد المناطق المحيطة بها، من أجل محاصرة المدينة.
بالموازاة مع ذلك، تعرضت الضاحية الشمالية الغربية لكييف (إيربين وبوتشا) لقصف مكثف في الأيام الأخيرة.
من جانبها، قالت وزارة الدفاع البريطانية إن القوات الروسية كانت موجودة السبت، 12 مارس/آذار 2022، على بُعد 25 كيلومتراً من العاصمة، وإن رتلاً في شمال المدينة قد تفرّق، وهو ما يُعزز فكرة وجود نية لتطويق كييف.
غير أنّ القوات الروسية تُواجه مقاومة من الجيش الأوكراني، غرب العاصمة وشرقها، ووعدت الرئاسة الأوكرانية بـ"دفاع لا هوادة فيه" عن كييف.
الرئيس الأوكراني زيلينسكي، قال إن روسياتكبَّدت في بلاده خسارةً غير مسبوقة، وجيشها تعرَّض لأكبر ضربة منذ عقود، وفق تعبيره، وأضاف أن "العدو لن يتمكن من دخول كييف إلا بعد إبادتنا جميعاً"، متعهداً بالقتال دفاعاً عن المدينة حتى الموت.
بدورهم، أكّد جنود أوكرانيون للوكالة الفرنسية، أن معنوياتهم جيدة، أما بالنسبة إلى القوات الروسية فقال الجندي إيليا بيريزنكو: "إنهم مجبرون على التخييم في قرى تقترب فيها درجات الحرارة من عشرة تحت الصفر خلال الليل، ويفتقرون إلى الإمدادات ويضطرون إلى نهب المنازل"، بحسب قوله.
ماريوبول تحت الحصار
في غضون ذلك، يشتد الحصار الذي تفرضه القوات الروسية على مدينة ماريوبول الواقعة جنوب شرق أوكرانيا، وتأمل المدينة في وصول قافلة مساعدات إنسانيّة، الأحد 13 مارس/آذار 2022.
نائبة رئيس الوزراء الأوكراني، إيرينا فيريشتشوك، قالت إن هذه القافلة ظلت عالقة أكثر من خمس ساعات عند نقطة تفتيش روسية أمس السبت.
تُعتبر قافلة المساعدات أمراً حيوياً بالنسبة إلى ماريوبول، فهذه المدينة الساحلية الاستراتيجية الواقعة بين شبه جزيرة القرم ودونباس غارقة في وضع حرج "ميؤوس منه تقريباً"، حسب منظمة أطباء بلا حدود، وهي تفتقر إلى الطعام، وسكانها محرومون من الماء والغاز والكهرباء والاتصالات.
ازداد وضع السكان في المدينة سوءاً مع فشل محاولات لإجلاء مئات آلاف المدنيين مرات عدة، ونقلت الوكالة الفرنسية عن مصدر عسكري فرنسي -لم تذكر اسمه- قوله: "ماريوبول لا تزال محاصرة، ما لا يمكنهم الحصول عليه بالحرب يريدون (الروس) الحصول عليه من خلال الجوع واليأس. ولأنهم لا يستطيعون قهر الجيش الأوكراني فإنهم يستهدفون السكان".
من جانبها، تقرّ موسكو بأن الوضع "في بعض المدن اتخذ أبعاداً كارثية"، بحسب ما قاله الجنرال ميخائيل ميزينتسيف، الذي اتهم مَن وصفهم بـ"القوميين" الأوكرانيين بزرع ألغام في المناطق السكنية، وتدمير البنية التحتية، حارمين بذلك المدنيين من طُرق للإجلاء وللموارد الأساسية، وفقاً لقوله.
بالموازاة مع ذلك، لا تزال مدينة أوديسا في الجنوب تستعد لهجوم القوات الروسية، التي تركز هجومها حالياً على بعد حوالي مئة كيلومتر إلى الشرق في مدينة ميكولايف.
كان قصف روسي مكثف قد طال مركزاً للسرطان ومستشفى لطب العيون، وفقاً للوكالة الفرنسية، التي أضافت أن جثث الضحايا تنتشر في شوارع بعض المدن في وقت يستحيل التحقق من أعدادهم.
محادثات أوكرانية روسية
على الصعيد الدبلوماسي، ظهر تغيير في نهاية هذا الأسبوع، إذ رحب زيلينسكي بـ"نهج مختلف جذرياً" من جانب موسكو خلال محادثاتها الأخيرة مع كييف، مشيراً إلى أن روسيا لم تعد "تُصدر الإنذارات فقط".
رداً على سؤال حول تصريحات أدلى بها بوتين يوم الجمعة، 11 مارس/آذار 2022، وتشير إلى تقدّم في المحادثات الروسية-الأوكرانية، قال زيلينسكي خلال مؤتمر صحفي في كييف إنه "سعيد بتلقي إشارة من روسيا".
كان يوم الخميس الفائت قد شهد لقاءً بين وزيري الخارجية الروسي والأوكراني في تركيا لم يُحقق نتائج، وفي وقت سابق عقدت ثلاث جلسات من المحادثات على مستوى الوفود، ستتواصل عبر الفيديو بحسب الكرملين.
يأتي هذا بينما تواصل دول غربية حليفة لأوكرانيا مدّها بالسلاح، ويرفض الغربيون الدخول في الصراع، لكنهم ضاعفوا العقوبات الاقتصادية والتجارية ضد روسيا، وطمأنوا كييف لناحية تقديم الدعم لها، خصوصاً العسكري.
كانت واشنطن قد أعلنت السبت، 12 مارس/آذار 2022، عن تقديم مساعدات أسلحة جديدة لاوكرانيا بقيمة 200 مليون دولار، وتأتي في أعقاب مساعدة أولية في مجال العتاد العسكري بقيمة 350 مليون دولار، تم تسليم ثلثيها حتى تاريخ 4 مارس/آذار الجاري.
يأتي الإعلان عن المساعدات الجديدة من جانب البيت الأبيض بعد تصريحات لنائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، الذي قال إنه "حذّر الولايات المتحدة" من أن هذه "القوافل" أصبحت "أهدافاً مشروعة"، متحدثاً خصوصاً عن أنظمة دفاع جوي محمولة وأنظمة صواريخ مضادة للدبابات.