عندما شاهدت إحتفالات أبناء الجالية الجنوبية في مدينة القصيم بإحدى القنوات الفضائية, ففي بداية كلمة مقدم الحفل لم يروق لي كلامه فكنت على وشك أن أغير القناة ولكن في اللحظة الأخيرة شاهدت المايكرفون وقد أمسك به الأخ الدكتور عيدروس النقيب فتريثت قليلاً محدثاً نفسي إنه الدكتور عيدروس النقيب هذا الرجل الأديب المثقف والهامة الوطنية الذي يعكس صورة المثقف الواعي ليس لأخواننا أبناء يافع فحسب بل للشعب اليمني الجنوبي, يشهد الله بأن الدكتور عيدروس النقيب أغبطني عندما سمعت كلمته المعتدلة الوسطية التي وإن دلت على شيء فإنما تدل على سعة صدر هذا الرجل الحكيم وثقافته العالية, فبالرغم من أننا عشنا الذل والهوان والعنصرية من قبل مرتزقة صنعاء إلاَّ أن هذا الرجل في قلبه العفو والتسامح فلم يذكر أبناء المناطق الشمالية من وطننا الحبيب بسوء بل ذكرهم بالحسنى وبأننا أبناء يمن واحد ومظلوميتنا واحدة مع التنويه والإشارة بعدم التنازل بمطالب الجنوبيين بحق تقرير المصير, هذا الرجل الحكيم علمني العفو والتسامح وسعة الصدر, ويستحق أن يكون النموذج الذي يحتذى به.
أخي الدكتور عيدروس النقيب أسمح لي بأن أرفع لك قبعتي تحيه وإجلال, فأنت قد أستخرجت من لسانك الطاهر درر وعبارات من ذهب, ومن حقك أن يكتب لك المؤرخون من ماء الذهب .
أخواني أبناء الجنوب الحبيب نحن طوال فترةٌ من الزمن قد مسنا الضر وشعرنا بالظلم والضيم, فهل يحق لنا بعد أن رفع الله عنا الظلم أن نمارسه على غيرنا, كلاَّ وألف كلاَّ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث قدسيّ عن الله عز وجل:- { إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً, فلا تظالموا.. ويقول الله جل في علاه عن المظلوم <وبعزتي وجلالي لأنصرنكَ ولو بعد حين> } وهناك بيتين من الشعر : لا تظلمن ما دمت مقتدراً.. فالظلم آخره يأتيك بالندم.. نامت عيونك والمظلوم منتبه.. يدعوا عليك وعين الله لم تنم .
نحن أبناء المناطق الجنوبية قبل أن ننادي بإعادة مظالمنا يجب علينا أولاً أن نوحد صفوفنا وننبذ المناطقية والنعرات والضغينة فيما بيننا, وعلينا أيضاً أن نعطي كل ذي حق حقه ولا ننسب الإنتصارات والبطولات لمناطق بعينها، وعلينا أن نتريث قليلاً حتى تعود الحكومة وتلملم أوراقها وبعدها ستظهر لنا قوائم بأسماء الشهداء ومن أي مناطق سقطوا وبعد أن نعرف عن المناطق التي قدمت الكثير من الشهداء فلا نتفاخر بأن الأكثرية مننا والأقلية منكم بل علينا أن نترحم لأولئك الشهداء في جميع مناطق الوطن الغالي, فهديتنا للشهداء أن نترحم لهم ونعيد لحمتنا لأن هؤلاء الشهداء الذين سقطوا قدموا لنا أرواحهم وماتوا لنحيا نحن.
في اﻵونة الأخيرة وصلتنا أخبار سيئة عن أبناء يافع بأن مجموعة منهم نزلت إلى محافظة عدن وأثاروا الفوضى وتناقلت هذه الأخبار جميع وسائل التواصل الإجتماعي, وبدأت الحرب الشعواء عليهم وهم برآء من كل هذه التهم, فالجاهل منا صدق كل هذه الإشاعات والأقاويل, أما العاقل فيعرف بأن هناك غرف إعلامية أسسها الإنقلابيون الفرس لأجل أن يثيروا النعرات بيننا حتى لا تقوم لنا قائمة، وإن كان هناك فئة جاهلة قد أخطأت وقامت بهذا العمل المشين فعلينا أن لا نعمم على كل أخواننا أبناء يافع, فنحن جميعنا هدفنا واحد وعلينا أن نكون يداً واحدة حتى نبطش بها أعدائنا, وعلينا أن نلتف حول فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي الذي يمثل شرعية اليمن وبالتأكيد هو من سيحقق لنا أمانينا ويعيد لنا مظالمنا, فالفضل يعود لجهوده بعد الله عزَّ وجل لما آلت إليه الأمور وبشائر النصر وبدأت تلوح في الأفق علامات الفرج لأبناء الجنوب قاطبة، وحتى ذلك الحين يجب علينا نحن أن لاننساق وراء هذه الشائعات وبمجرد أن تصل الإشاعة لأحدنا فعليه أن لا يقوم بإعادة إرسالها ويصيبها في مقتل حتى لا تنتشر، فأعداؤنا هم الذين يروجون الشائعات ونحن بجهلنا نقوم بنشرها وبالفعل تنتشر كالنار في الهشيم وإذا أنسقنا وراءها وتبادلنا التهم فلن تقوم لنا قائمة حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وإن كان أعداؤنا يحاربوننا ويروجون الشائعات فلماذا نحن لانقوم بنشر التسامح والثناء والمديح فيما بيننا بدﻵ من أن نسب ونقذف بعضنا البعض ومن أخطأ لانثور عليه أو على منطقته التي ينتمي إليها.
نحن في أشد المراحل صعوبة ويتربص بنا أعداؤنا وﻷجل أن نكيدهم ونفشل مشروعهم القذر فعلينا أن نترفع عن المهاترات والقذف واللعن ونبدلها بنشر المحبة والتآخي واﻷلفة ولن يتأتى هذا إﻻ بتطهير قلوبنا من اﻷحقاد المناطقية والجهوية وأن نخرج من مستنقع الماضي اﻷليم ونفكر باﻹرتقاء إلى مستقبل جميل وزاهر نعيش فيه إخوانا..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
علي هيثم الميسري