توافد الحجاج إلى مكة مشهد ألفه السعوديون ويشعرون بالزهو والفخر بأن منّ الله على بلادهم بأن تكون مأوى أفئدة أمة المليار ونصف المليار مسلم، فمَن حلّ منهم في هذه البقعة المباركة فقد أصبح مسؤولية المملكة حكومة وشعباً حتى يعود إلى بلاده سالماً معافى.
الجهوزية هي العنوان العريض لكل المؤسسات والقطاعات الحكومية المستنفرة والمنعقدة هذه الأيام بشكل دائم احتفاءً واستعداداً بقدوم حجاج بيت الله الحرام الذين يبدؤون اليوم رحلتهم الإيمانية في سكينة وخشوع متوشحين بالبياض والروحانية.
الجدية والحرص التي تبديها الحكومة تترجم من خلال الوقوف الشخصي والمباشر للوزراء والمسؤولين الذين حرصوا على مباشرة وتفقّد أعمال المرافق الحكومية التابعة للجهات التي يشرفون عليها، والتأكد من جاهزيتها للحدث الأهم لدى المسلمين في بقاع وأصقاع العالم الذين يتوجهون بأبصارهم نحو منى ومزدلفة وعرفات والبيت العتيق. يرقبون المشهد المهيب للمسلمين الذين قدموا رغبة فيما عند الله ولأداء ركن دينهم الخامس.
منذ عام استعدت الجهات الحكومية لهذه اللحظة فهي محك حقيقي لقياس الإتقان والتحمّل والإنجاز وقلة الأخطاء، تلك الجهات اكتسبت مرونة وحيوية وخبرة في التعامل مع هذه الأعداد الهائلة التي تجوب المشاعر المقدسة، خلف كل تلك الجهود رجال يدفعهم حب الوطن وطلب الأجر من الله إلى الانهماك في العمل لساعات وساعات، وبعضهم قد يسهم في أعمال الحج متطوعاً يرى في ذلك العمل تجربة تمنحه صفاءً نفسياً ودروساً في الإيثار والصبر والتحمّل لا يمكن لأي دورة مهما بلغ إعدادها أن توفرها لأي شخص يعشق العمل التطوعي ويجد سعادته في القيام به.
على الرغم من كثرة العدد وضخامة الحدث، إلا أن الصور التي تصلنا من هناك، حيث يختلط مشهد الحجاج القادمين من بقاع مختلفة ولهجات وتقاليد متنوعة، تكشف عن تماهٍ واضح للحجاج مع موظفي الجهات الحكومية الذين يدركون حجم المسؤولية الضخمة الملقاة على عاتقهم، لذا تجد الابتسامة والتفاعل الإيجابي والاحتفاء والاحتواء هو من يستقبل الحاج منذ أن تطأ قدمه أرض المملكة.. هذا الحس المسؤول نأمل أن يكون سمة لكل المنتسبين للأجهزة الحكومية غير محصور بزمان أو مكان.
