تتابع الأحداث في بلادنا بشكل عنيف محزن رغم ان الموسم موسم أعياد وأفراح ولكن هناك من يقبع في الظلام متآمرا علينا وعلى أعيادنا وأفراحنا فبعد الا نتصارات الكبيرة التي تحققت في الشهرين الماضيين ورغم الانفراج النسبي الكبير الذي يشعر به اليمنيون بعد هزيمة الانقلابيين في محافظة عدن الا اننا نتابع بقلق استمرار نزيف الدم اليمني المحرم ، والذي يتحمل مسؤوليته اولا وأخيرا من اصر على العنف ، وأصر على نشر الخراب والدمار لا أقول خلال العام الماضي فقط ، ولكن خلال عقد من الزمان ، هذا العنف الذي اطل علينا كأوضح مايكون مع الانتخابات الرئاسية عام ٢٠٠٦ والتي تمت في مثل هذه الأيام .
ففي مثل هذه الأيام رفع اليمنيون راية التغيير وبأقل تقدير جزء مهم منهم ، وصل في التقديرات الرسمية حينها الى ٣٠٪
قرر اليمنيون حينها ان يغتنموا الفرصة ويعلنوا انه لابد من تغيير حقيقي في قيادة هذا البلد من خلال مشروع ينظمن تغيير البرامج اولا الى برامج حقيقية تسمح للشعب مشاركة حقيقية في السلطة وكانت فعلا تجربة فريدة على مستوى العالم العربي للتغيير التدريجي المتزن الذي يجنب المجتمعات العنف والدمار ولكن التسلط والطغيان رفض هذا الإعلان ووقف ضده بكل صلف بل وشرع في جنون في استنفار كل قواه وتسخير كل إمكانات الدولة والمجتمع بشكل متعسف ضد مفردات التغيير ،
كانت القوى المناصرة للتغيير تتسم بحد كبير من العقلانية والواقعية والسلمية عبر عنها بكل جلاء مرشحها المستقل الوطني الغيور فيصل بن شملان رحمه الله ولكن كل هذه العوامل المتزنة رفضت لمجرد انها كانت عقلانية ومنطقية وسلمية وتجاوز الطغاة الرفض الى مؤامرات هزلية مفضوحة عشناهالحظة بلحظة في تلك الايام ، ولكن قوى التغيير استطاعت ان تتجاوز كل تلك المؤامرات التي رسمت لاغتيال حقها في التغيير وتمايز الناس يومها بين فريقين مع التغيير وضده وبموجب الوسائل المتاحة ، وتم حينها تفخيخ المشهد ببعض وسائل العنف التي نعيشها اليوم بالجملة بعد ان كانت تستخدم بشكل منفرد هنا او هناك لارهاب الناس ومنعهم من ممارسة حقوقهم .
وجاء عام ٢٠١١ ليبدع المناضلون الباحثون عن الخلاص من الاستبداد وسائل جديدة للتأكيد ان حقهم في التغيير لن يسقطه عنف الطغاة وخرج ابناء الشعب من كل الشرائح وفي مقدمتهم الشباب والمرأة واشتعلت الساحات في كل ارجاء اليمن رافعة شعاراتها التغييرية فلم يجد الطغاة غير بضاعتهم القديمة من الرصاص والاعتقال ونشر الفتن والضغائن للوقوف ضد امال وتطلعات المواطنين السلمية .
واليوم والمشهد كما نراه وبعد كل النكبات والجرائم والمصائب التي عانى منها شعبنا نرى نفس تلك الوجوه لاتزال مصرة على المضي في هذا المنحدر السحيق والذي وصل في ابشع صوره الى حفلات القتل الجماعي التي يمارسون فيها طقوسهم بالتلذذ بالمشاهد المقززة وكأنهم وحوش الدراكولا التي لا يهمها الا استمرار رائحة الدم لتروي من خلاله عطشها وتراهم في ايام العيد يفجرون ويقصفون ويغتالون وينشرون الشائعات التي تواكب دمويتهم وعنفهم ويتساءل الجميع لماذا كل هذا؟؟ لماذا الإصرار على القتل بالجملة ؟؟ والترويع الجماعي ؟؟ وممارسة هذا الجنون القاتل ؟؟ أيظنون بعد كل ماحدث ان يتراجع الناس عن حقهم في التغيير ؟؟
على هؤلاء الواهمين ان يعيدوا حساباتهم وان يستفيدوا من الفرص القليلة الموجودة أمامهم و ليعلموا ان هذه الدماء التي أسفكت يتحملون مسؤوليتها وان وجوه الضحايا ستظل تلاحقهم وان دعوات المظلومين ستصيبهم اجلا كما اصابتهم عاجلا وان فرحتنا ستنتصر وسيكون التغيير عيدنا الكبير .
وحيد علي رشيد
محافظ عدن السابق