خلال أيام معدودة من شهر سبتمبر 2014، وقع سكان صنعاء الذين يربو عددهم على 2.5 مليون نسمة تحت سيطرة تنظيم «انصار الله» («الحوثيين»)،الذي يحظى بدعم سياسي وعسكري من ايران وحزب الله، أوشك هذا التنظيم الذي يخوض حربه الخاصه بشكل خطير على انشاء امامة زيدية تسيطر على كامل اليمن ، بحجة (تركت فيكم مالو تمسكتهم به لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وعترتي اهل بيتي) ويعد اليمنيين بالازدهار في ظله متناسيا ان الائمة حكموا اليمنيين الفا ومائتي عام ولم يحصدوا فيها غيرالفقر والجوع والجهل والمرض. ولو كانت حجتهم محقة لكانت اليمن قد بلغت خلال اثني عشر قرنا من حكم الائمة مستوى يضعها في مقدمة البشرية، ولكن من الواضخ الاعلاقة للحوثيين بالمستقبل بل بالماضي وثارات عفى عليها الزمن.واجندة ايرانية لا ناقة لليمنيين فيها ولا جمل.
لقد اخذوا فرصهم واهدروها، فقد حكم الامام علي وحكم ابنه الحسن وحكم الاطروش وخلفاؤه طبرستان وما حولها، والكل لميحققوا شيئا يذكر. وكان غيرهم اكثر نجاحا وفعالية. انه مصابون بهوس الحكم بدون احقية الا النسب، وهذا ليس مؤهلا لسياسة امور الناس.
تدخلت الدول العربية في يمن اليوم ضد الفرس وعملائهم لصالح العرب. اسألوا انفسكم هل انتم فرس ام عرب. تلك هي القضية وذلك هو السؤال.
اقول لعملاء ايران هل انتم فرس ام عرب؟ لماذا العماله للفرس ونحن امة كبيره تعدادا ومساحة وثروات وتاريخا؟ ايران تسعى وراء مصالحها الخاصة ما هي مصلحة العربي في مصالح الفرس التي دمرت من اجلها سوريا والعراق ولبنان واليمن؟ يتحدثون عن صراع طائفي وهذا ما تريده ايران لذر الرماد في العيون، تتحدث عن داعش والقاعدة وكانهما الدول العربية والشعب العربي، والحقيقة ان ايران دولة في حالة توسع، وتسعى لفرض هيمنتها على العرب كما حاول الفرس عبر التاريخ قبل ان يظهر علي والحسين ومعاوية ويزيد، والنبي العربي محمد.عملاء ايران العرب سينتهون كخونة في مزبلة التاريخ.
الحوثيون بتبعيتهم لايران اصبحوا عدوا موضوعيا وخطرا ماثلا على مجلس التعاون الخليجي، منذ ما قبل التدخل السعودي الاول ضدهم عام 2009 ابان حرب عفاش السادسة ضد الحوثيين، وقد تزايدت وتيرة الدعم الايراني لهم منذ ذلك الحين الامر الذي عمق التوجس في الخليج، وحتم عليهم الاعداد لحرب قادمة لامحالة، مع تعاظم التدخل الايراني والهجمة الايرانية الطائفية المظهر على دول المنطقة.
لطالما كان الانسان العربي المسلم يعيش حالة انفصام على المستوى السيكولوجي فيما يتعلق بالهوية، حيث اصبح لدى العربي والمسلم مستويان من الوعي: وعي عروبي او إسلامي لا يعترف بالدول القطرية والحدود القائمة فيما بينها، ووعي مغرق في محليته إلى درجة إعلاء الرابطة القبلية أو الطائفية على الرابطة الوطنية.
تتكون الهوية من عدد من العناصر تختلف اهميتها من حيث الترتيب، وهذه العناصر هي: الدين والمذهب والاثنيه (العرق) والموطن الجغراسياسي. ولوقت طويل كان الفرد المسلم من غالبية سكان العالم العربي، يعرف نفسه منذ قيام العالم الاسلامي كوحدة جغراسياسية راسخة ومتميزة، على انه مسلم اولا، ثم سني او شيعي ثانيا، ثم مصري او عراقي ثالثا، ثم عربي رابعا. كان هذا التعريف يجعل اي مسلم من اي قطر اواثنية في العالم في هوية واحدة مع المسلم العراقي او المصري العربيين، بحيث يكون اقرب اليه من المسيحي اواليهودي العراقي والمصري العربيين.
ولكن ومنذ سقوط الخلافة العثمانية في اوائل القرن العشرين تغير هذا الترتيب، بقيام الدول العربية القطرية الحالية، بعد الحرب العالمية الاولى ضمن الحدود التي رسمها الاستعمار، ثم ما تلاه من استقلال هذه الاقطار، ليصبح تعريف الفرد لنفسه بانه عربي اولا، ثم مصري او عراقي ثانيا، ثم مسلم ثالثا، ثم سني او شيعي رابعا. وهو ما يجعل المسيحي العربي اقرب اليه من المسلم التركي او الشيشاني.
والملاحظ اليوم ان هذه العناصر قد انعكست تماما فاصبح نفس هذا الفرد يعرف نفسه اليوم في مرحلة ما بعد قيام الجمهورية الاسلامية في ايران وما تلاها من حرب عراقية ايرانية، على انه سني او شيعي اولا، ومسلم ثانيا، ومصري او عراقي ثالثا، ثم عربي رابعا. بحيث يصبح السني الافغاني اقرب الى السني العراقي من الشيعي العراقي.
وهذا يعني ان السمة الاساسية في الهوية كانت دينية في المرحلة الاولى، ثم اصبحت إثنو – قومية عربية في المرحلة الثانية، لتنتهي الى ان تصبح طائفية اليوم، مع استمرار بقاء السمة الوطنية، بمعنى الانتماء الى القطر.
المتوقع ان المرحلة الثالثة من التغير في سمات الهوية في العالم العربي ستشهد قيام انظمة واقعية لبيرالية تخضع للمساءلة الشعبية ، وتتعامل مع المواطن على اساس المواطنة بصرف النظر عن دينه او مذهبه، فيمحضها المواطن الولاء. وهذا ما يجب ان يعمل العرب لاجله ولكن على اساس من الولاء للعروبة وليس للفرس او الاتراك. وسيؤدي ذلك الى التخلي عن افكار الوحدة الاندماجية العربية او الاسلامية ليحل محلها التنسيق والعلاقات المفيدة. وقد يستغرق ذلك بعض الوقت الا انه قادم لا محالة.