تعد الأحزاب السياسية إحدى أدوات التنمية السياسية في العصر الحديث و الأحزاب لم تنشأ نشأة واحدة ، بل نشأت بأشكال ولأسباب مختلفة ، أهمها - ظهور الأحزاب السياسية كنتيجة لقيام بعض الجماعات لتنظيم نفسها لمواجهة الاستعمار والتحرر من نير الاحتلال الأجنبي ، وهو الأمر الذي يمكن تلمسه على وجه الخصوص في الجيل الأول من الأحزاب السياسية التي ظهرت في بعض بلدان العالم العربي وأفريقيا ونشأة في كنف نقابات العمال والفلاحين التي بدأت نضالها بالانتفاضات العمالية والفلاحين على أرباب العمل ضد الاستغلال والاستعباد والاحتكار لانتزاع حقوقهم ومطالبهم في تحسين المعيشة وظروف العمل وأدواته وتطورت مع تطور المطالب التي تجاوزت خصوصيات العمل إلى الحياة العامة سياسية واجتماعية والعلاقة بين الحاكم والمحكوم وهذه هي الأحزاب التي فرضتها الضرورة والمرحلة مع اخذ بعين الاعتبار المبادئ الخاصة التي اجتمع عليها الجماعة الحزبية كالأيدلوجية الفكرية ومثل هذه الأحزاب هي من تصنع الزعامات والقيادات من خلال ممارسة الديمقراطية داخلها والانتخاب للقيادة وتبادل السلطة الحزبية هذه الأحزاب رابطها الأساسي هي المصالح العامة والمبادئ الفكرية والسياسية التي اتفق عليها الأعضاء وتتمتع بجذور عميقة داخل المجتمع لأنها تعتمد على جماهيريتها الحزبية لا على زعاماتها أي أذا سقطت الزعامات الفردية يبقى الحزب متماسك ويجدد نفسه من الداخل كالأحزاب اليسارية والقومية ويمكن أن نسميها أحزب مدنية . _وهناك أحزب أسست لموجهة أزمة في السلطة بقرار من الحاكم ليعطي لنفسه شرعية البقاء بالانتخابات التي تتطلب تكتلات التي بدأت مع سيادة مبدأ الاقتراع العام ، عوضاً عن مقاعد الوراثة ومقاعد النبلاء . حيث ظهرت الكتل التصويتية مع ظهور اللجان الانتخابية ، التي تشكل في كل منطقة من المناطق الانتخابية بغرض الدعاية للمرشحين الذين أصبحوا آلياً يتعاونون معا للحفاظ على السلطة القائمة وليس بالضرورة الاتحاد في الفكر والهدف بل تجمعهم مصالح خاصة وهذا النوع يظم في صفوفه محبي السلطة والجاه ويعتمد على الزعامات الفردية التي سعت لتأسيسه لتنال شرعية البقاء في السلطة كالأحزاب الديكورية التي لا تحمل فكر وأيدلوجية ورؤى متقاربة و مبادئ متفق عليها بل جمعتهم المصلحة ويمكن أن نسميها أحزب تقليدية . نحن في اليمن نعاني اليوم من الصراعات المسلحة واستخدام العنف بسبب أن هناك أحزاب لا تستطيع أن تعيش في ضل تنافس رؤى ومشاريع وأفكار فهي خاوية وهشة وداخلها تناقضات فكرية حادة في ضل الوضع الطبيعي للتنافس بالفكر والرؤى قد تتمزق وتتوزع إلى كيانات صغيرة لأنها غير قادرة على التضحية بمصالحها لصالح المصالح العامة لأنها تكونت على أساس الحفاظ على مصالحها ولا تستطيع التخلي على الزعامات التي أسستها فوجودها مرتبط بوجود هذه الزعامات . واعتقد أن الشعوب من الذكاء لتميز النوعين من الأحزاب عن بعض ونحن في اليمن قد فرز الحوار الوطني لنا الأحزاب المدافعة عن المصالح العامة ومصالح الوطن والمواطن والأحزاب التي تبحث عن مصالحها وتدافع عن بقائها بالحفاظ على مصالح زعامتها وهي المعيقة اليوم للتغيير وبناء الدولة التي دون شك تهدد مصالحها وبالتالي بقائها متماسكة . النوع الأول الأحزاب التي ولدت من رحم المعانات والنضال الجماهير على مدى زمن ضربت وحوربت وهُجمت بشراسة وعنف وحرض ضدها باستخدام كل السبل ألمشروعه والغير مشروعة كالحزب الاشتراكي والناصري والتجمع الوحدوي وغيرها من الأحزاب العريقة لكنها ضلت صامدة وكلما طردت وسحلت زعاماتها تتولد من داخلها زعامات لتمسك بزمام الحزب رغم تفريخها إلى أحزاب مشابه زورها الحاكم لخدمته ضلت الحزب الأصل يقاوم ويصارع البقاء هذه الممارسات كونت ملعب سياسي غير سوي وتنافس غير عادل اثر سلبا على هذه الأحزاب وما يؤسف أن البعض يتهم هذه الأحزاب بالضعف والهشاشة دون أن يتعب نفسه قليلا ليبحث عن السبب وهي السلطة التي كانت قائمة أنتجت وضع سياسي غير طبيعي وظروف تخدمها وتحافظ على بقائها و لولا أصالة وعراقة هذه الأحزاب لكانت تاريخ اندثر وهي اليوم تستعيد عافيتها وتبني بنيتها وجماهيرها وسيكون وضعها أفضل عندما يستقيم الملعب السياسي على أسس سليمة وعادلة ويتم تجريد القوى التقليدية من أدواتها من هيمنة وسيطرة واستحواذ على كل ما هو عام . ما هوا قائم على الساحة هو تقاسم للأحزاب التقليدية واستبعاد الأحزاب المدنية أو الشعبية حاملة مشروع التغيير الحقيقي و الكل يلاحظ من يتقاسم السلطة اليوم هما الحزبين الشريكين في ضرب المشروع الوطني بالأمس بهدف إعاقة المشروع الوطني اليوم مع العلم وجود قوى مدنية داخل هذه الأحزاب لكن تأثيرها ضعيف ليس بمستوى تأثير القوى التقليدية داخل الحزب . لهذا يمكن القول ان التغيير وبناء الدولة يتطلب إعادة ترتيب التكتلات الحزبية على أسس تكتل مدني داعم لمشروع بناء الدولة والتغيير وتكتل تقليدي معيق لبناء الدولة والتغيير حتى يسهل تنفيذ مخرجات الحوار للواقع المعاش دون ذلك ستجهض هذه المخرجات ويحرم المواطن من أحلامه وطموحاته والمستقبل المأمول وهذا يتطلب فك الارتباط من التحالفات مع القوى التقليدية التي تخدم بعض في المشترك وحلفائه والمؤتمر وتحالفاته لأنها وجهين لعملة واحدة وما تقاسم اليوم إلا خير مثال لذلك هل تستوعب القوى المدنية هذه المخاطر وتعيد ترتيب تحالفاته لتدافع عن المشروع الوطني الجماهير بناء الدولة والتغيير لمستقبل أفضل .